الحمل به، أثقله وأجهده، فتارة تسند الفعل إلى المثقل المجهد، وتارة تسنده إلى المثقل المجهود. إذن، فلا إشكال من رأس.
وقد وقع أيضا مثل هذا اللفظ في فهم قوله تعالى في سورة الكهف: * (حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) * (1) فإن بعض المغرضين غلطوا فغلطوا جهلا هذه الآية الكريمة، وقال: كان الوجه أن يقول: " استطعماهم " يريد أن يقول: إن المقام مقام إضمار لا مقام إظهار، لأن لفظ الأهل تقدم ذكره فلا حاجة لإعادته.
أجاب شيخنا البلاغي طاب ثراه في كتابه " الهدى " بأن هذا غلط نشأ من توهم المتوهم أن استعمال جواب لإذا وهو وهم باطل، وإنما هو وصف للقرية، وجواب إذا هو في قوله تعالى: * (قال لو شئت) * وحينئذ لو قيل: استطعماهم لخلت جملة الصفة من ضمير الوصوف، ثم أضاف إلى ذلك أن قال: إن الإتيان في الآية لجميع أهل القرية باعتبار الدخول إلى قريتهم، والاستطعام لم يكن لجميعهم وإنما كان لمن هو لائق بالضيافة، ولو قيل: استطعماهم لأوهم الكلام أن الاستطعام كان لجميع أهل القرية، فلأجل ذلك كرر ذكر الأهل لئلا يمنع انصرافه إلى المتعارف بخلاف الضمير العائد إلى ما يراد منه العموم، وقد وقع مثل هذا الغلط والشطط في فهم قوله تعالى:
* (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) * (2) فقد بلغت القحة بالجاهلين لكرامة هذه الآية الكريمة أن قالوا: هذا التمثيل لا معنى له، وكان الوجه أن يقول: