منها هذه الآية الكريمة، ومنها قوله تعالى في سورة المؤمنون: * (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) * (1) وقوله تعالى في سورة البروج: * (والله من ورائهم محيط) * (2) وهل هذا المعنى الموضوع له اللفظ هو القدر الجامع بين تلك المتفرقات فيكون من المشترك المعنوي أو هو معنى أعم من الحقيقة والمجاز فيكون من باب عموم المجاز؟ ذلك أيضا مما لا نريد تحقيق حقيقته في هذا المقام.
وقد وقع مثل هذا الغلط في فهم قوله تعالى في سورة القصص: * (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة) * (3) فقد اعترض المعترضون - جهلا بمواقع الاستعمالات في اللغة العربية - على هذه الآية الكريمة بأن التعبير ينبغي أن يكون هكذا: لتنويها العصبة أولوا القوة، أي تنهض على تثاقل، فالعصبة هي التي تنوء بالمفاتح لا المفاتح تنوء بالعصبة.
ونحن نجيب عن ذلك: أولا: بمثل ما أجبنا به عن الآية الكريمة التي أسلفنا ذكرها من قبل، وهي قوله تعالى: * (فكان قاب قوسين) * (4) وأنها جرت على ما جرت به الاستعمالات العربية المطردة، وهو ما يسمى عندهم بالقلب، وهو نوع مستعمل في اللغة العربية باطراد، وللآية الكريمة نظائر وأشباه في شخص هذا الاستعمال ونوعه وهي كثيرة وكثيرة، قال شاعرهم: (5) إن سراجا لكريم مفخره * تحلى به العين إذا ما تبصره