القدر بقول ابن أبي ربيعة المخزومي في شأن ناقته:
قصرت لها من جانب الحوض منشأ * جديدا كقاب الشبر أو هو أصغر ويقول الآخر:
ولكن تنحي جنبة بعدما دنا * فكان كقاب القوس أو هو أنفس وقد وقع أيضا مثل هذا الغلط والشطط في فهم قوله تعالى: * (وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) * (1) ذلك أن المغرضين تعرضوا لهذه الآية الكريمة فاعترضوا معيبين على القرآن الكريم - وحاشاه من العيوب - استعمال لفظ وراء بمعنى أمام أو قدام، وقد أنكروا أن تكون وراء تأتي بهذا المعنى المذكور، وهي منهم غلطة فظيعة دعاهم إليها الجهل المطبق والأغراض الممقوت، وإلا فأين هم عن تصريحات اللغويين، قال بعض العارفين: وتستعمل وراء بمعنى القدام على جهة الاتساع لأنها جهة مقابلة لجهة فكأن كل واحد من الجهتين وراء الأخرى، وهل استعمال هذا اللفظ بهذا المعنى على سبيل الاطراد في كل شئ أو هو مطرد في شئ دون شئ؟ ذهب ذاهبون إلى الأول، وذهب إلى الثاني قوم آخرون، فقد نقل عن الفراء أنه قال: يجوز ذلك في الزمان دون الأجسام.
ونقل عن علي بن عيسى أنه جوز ذلك في الأجسام التي لا وجه لها، كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر. (2) هذه تصريحات اللغويين وما أخذوها إلا عن موارد الاستعمالات، وهاك من موارد الاستعمالات قليلا من كثير يغني عن الكثير: قال لبيد بن أبي ربيعة العامري: