وأجابوا عن قوله تعالى: * (قرآنا عربيا) * بأن الكلمات اليسيرة من غير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا، وعن قوله تعالى: * (أعجمي وعربي) * بأن المعنى من السياق: أكلام أعجمي ومخاطب عربي.
وذهب آخرون إلى أن القول بوقوع اللفظ العجمي في القرآن على حالة يستعملها العجم، لا وجه له فإنه مستلزم لكون القرآن مركبا من لغتي العرب والعجم، وهو باطل، وهكذا القول بأن الألفاظ المختلف فيها عربية صرفة، كيف وفيه لفظ " إبراهيم " وقد اتفق النحاة على منع صرفه بالعلمية والعجمة، وفيه لفظ " أباريق " وهو جمع إبريق بمعنى آب ريز، اسم لظرف يصب فيه الماء، وقد حكى كثير من اللغويين أنه فارسي معرب، وفيه لفظ: " استبرق " وهو الديباج الغليظ يقال له بالفارسية:
" ستبر "، وهكذا قيل في قوله تعالى: * (طه) * أنه كقولك: " يا محمد " بلسان الحبشية، أو معناه: " يا رجل " بالنبطية.
ومن هذا النوع شئ كثير، وقد ذكرها السيوطي في كتاب المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب - حسبما نقله عنه بعض العلماء - فالذي يراه هذا القائل هو أن المعرب واقع في القرآن ولا مانع منه، لأنه عربي الاستعمال لاستعمال العرب هذه الألفاظ على نحو استعمالهم للألفاظ العربية.
وملخص القول في المسألة: أن القرآن عربي بكل معنى الكلمة، وهذا الذي ذكرناه أصل له فروع، ذلك أن للغة العربية قوانين وأنظمة جروا عليها هي من ميزات اللغة العربية خاصة، وحيث إن اللغة العربية منقسمة إلى كلمة وكلام، والكلمة لها حيثيات ثلاث: حيثية المادة وهي التي يتألف منها جوهر الكلمة. وحيثية الهيئة وهي الصورة الخاصة التي تلحق الكلمة بلحاظ بنيتها ومن صيغتها باعتبار حركاتها الخاصة.