هذه مجموعة الأقوال والأنقال في أمر إعجاز القرآن وجهة إعجازه، وقد توقف آخرون فلم يعطوا من أنفسهم رأيا في المسألة، وذهب آخرون إلى أن الكل من هذه الأقوال محتمل، فلم يؤيد رأيا خاصا، ولم يمتنع عن قول مخصوص.
ونحن نقول: إن القرآن الكريم معجز بكل ما ذكر من وجوه الاعجاز على نحو الجميع لا على نحو المجموع، بمعنى أن كل جهة من الجهات لو لوحظت مستقلة فهي بنفسها معجزة، لا أن تلك الوجوه بمجموعها هي المعجزة.
فالقرآن إن لاحظته من جهة اشتماله على العلوم الغريبة والمعارف العجيبة، فهو معجز.
وإن لاحظته من ناحية خلوه عن التناقض والاضطراب والتفاوت والاختلاف، فهو معجز * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (1).
وإن لاحظته من ناحية اشتماله على الإخبار بالمغيبات، فهو معجز * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) * (2).
وإن لاحظته من ناحية الأسلوب العجيب والنظم الغريب، فهو معجز.
وإن لاحظته من ناحية اشتماله على الفصاحة العالية والبلاغة البالغة الحد الأعلى من الاعجاز، فهو معجز * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * (3). وهذه الآية بمقتضى إطلاقها في التعجيز عن الإتيان بمثل القرآن من غير تقييد بجهة خاصة من جهات