ألا تراهم جمعوها على حوائج، فأثبت صحة حوائج، وأنها من كلام العرب وأن حاجة محذوفة من حائجة، وإن كان لم ينطق بها عندهم، قال: وكذلك ذكرها عثمان بن جنى في كتابه اللمع، وحكى المهلبي عن ابن دريد أنه قال: حاجة وحائجة، وكذلك حكى عن أبي عمرو بن العلاء أنه يقال: في نفسي حاجة، وحائجة وحوجاء، والجمع حاجات وحوائج وحاج وحوج، وذكر ابن السكيت في كتابه الألفاظ: باب الحوائج، يقال في جمع حاجة حاجات وحاج وحوج وحوائج (1).
وذهب قوم من أهل اللغة إلى أن حوائج يجوز أن يكون جمع حوجاء وقياسها حواج مثل صحار ثم قدمت الياء على الجيم فصار حوائج، والمقلوب في كلام العرب كثير والعرب تقول: بداءات حوائجك، في كثير من كلامهم، وكثيرا ما يقول ابن السكيت: إنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين والراحات، وإنما غلط الأصمعي في هذه اللفظة كما حكى عنه، حتى جعلها مولدة، كونها خارجة عن القياس، لأن ما كان على مثل الحاجة مثل غارة وحارة، لا يجمع على غوائر وحوائر، فقطع بذلك على أنها مولدة غير فصيحة، على أنه قد حكى الرقاشي والسجستاني، عن عبد الرحمن عن الأصمعي أنه رجع عن هذا القول وإنما هو شىء كان عرض له من غير بحث ولا نظر، قال: وهذا الأشبه به، لأن مثله لا يجهل ذلك إذ كان موجودا في كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وكلام العرب الفصحاء، وكأن الحريرى لم يمر به إلا القول الأول عن الأصمعي دون الثاني، والله أعلم.
انتهى من لسان العرب، وقد أخذه شيخنا بعينه في الشرح.
" والحاج: شوك "، أورده الجوهرى هنا، وتبعه المصنف، وأورده ابن منظور وغيره في ح ي ج، كما سيأتي بيانه هناك.
" وحوج به عن الطريق تحويجا: عوج "، كأن الحاء لغة في العين.
ويقال " ما في صدرى حوجاء ولا لوجاء " و " لا مرية ولا شك " (2)، بمعنى واحد، عن ثعلب، ويقال: ليس في أمرك حويجاء ولا لويجاء ولا رويغة.
وعن اللحياني: " مالي فيه حوجاء ولا لوجاء ولا حويجاء ولا لويجاء، أي حاجة " وما بقى في صدره حوجاء ولا لوجاء إلا قضاها، قال قيس بن رفاعة:
من كان في نفسه حوجاء يطلبها * عندي فإني له رهن بإصحار ويقال: " كلمته (3) فما رد " على " حوجاء ولا لوجاء، أي " مارد على " كلمة قبيحة ولا حسنة "، وهذا كقولهم: فما رد على سوداء ولا بيضاء.
ويقال: " خذ حويجاء من الأرض، أي طريقا مخالفا ملتويا ".
" وحوجت له " تحويحا ": تركت طريقي في هواه ".
" واحتاج إليه: " افتقر، و ": انعاج " " وذو الحاجتين " لقب " محمد بن إبراهيم بن منقذ "، وهو " أول من بايع " أبا العباس عبد الله العباسي " السفاح "، وهو أول العباسيين.
* ومما يستدرك عليه:
حاجة حائجة، على المبالغة، وقالوا: حاجة حوجاء.
والمحوج: المعدم، من قوم محاويج. قال ابن سيده: وعندي أن محاويج إنما هو جمع محواج إن كان قيل، وإلا فلا وجه للواو.
وأحوجه إلى غيره.
وأحوج - أيضا -: احتاج.
وفي الحديث " قال له رجل: يا رسول الله، ما تركت من حاجة ولا داجة إلا أتيت " أي ما تركت شيئا من المعاصي ودعتني إليه نفسي إلا وقد ركبته. وداجة إتباع لحاجة، والألف فيها منقلبة عن الواو.