وبيت الرجل: داره. وبيته: قصره، وشرفه. ونقل السهيلي في الروض مثل ذلك عن الخطابي، وصححه؛ قال: ولكن لذكر البيت هاهنا، بهذا اللفظ - ولم يقل: بقصر - معنى لائق بصورة الحال، وذلك أنها كانت ربة بيت إسلام، لم يكن على الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت. وأيضا، فإنها أول من بنى بيتا في الإسلام، بتزويجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ورغبتها فيه، وجزاء الفعل يذكر بلفظ الفعل، وإن كان أشرف منه. ومن هذا الباب " من بنى لله مسجدا، بنى الله له مثله في الجنة " ثم لم يرد مثله في كونه مسجدا، ولا في صفته، ولكن قابل البنيان بالبنيان، أي: كما بنى، بني له، فوقعت المماثلة لا في ذات المبني. وإذا ثبت هذا، فمن ها هنا اقتضت الفصاحة أن يعبر لها عما بشرت به بلفظ البيت، وإن كان فيه مالا عين رأته، ولا أذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر. انتهى بتصرف يسير، وهو كلام حسن، راجعه في الروض.
وفي الصحاح: البيت أيضا: عيال الرجل؛ قال الراجز:
مالي إذا أنزعها صأيت * أكبر قد غالني أم بيت (1) وهو مجاز.
وبيت الرجل: امرأته، ويكنى عن المرأة بالبيت. وقال ابن الأعرابي: العرب تكني عن المرأة بالبيت، قاله الأصمعي، وأنشد:
أكبر غيرني أم بيت؟
سمى الله تعالى الكعبة البيت الحرام، شرفها الله تعالى. قال ابن سيده: وبيت الله تعالى: الكعبة.
قال الفارسي: وذلك كما قيل للخليفة: عبد الله، وللجنة: (2) دار السلام. قلت: فإذا هو علم بالغلبة على الكعبة، فيكون مجازا، كالذي يأتي بعده، هو قوله: البيت: القبر، أي: على التشبيه، قاله ابن دريد، وأنشد للبيد:
وصاحب ملحوب فجعنا بيومه * وعند الرداع بيت آخر كوثر (3) وفي حديث أبي ذر: " كيف تصنع إذا مات الناس، حتى يكون البيت بالوصيف؟ " قال ابن الأثير: أراد بالبيت هنا القبر. والوصيف: الغلام. أراد [أن] (4) مواضع القبور تضيق فيبتاعون كل قبر بوصيف.
وفي الأساس: من المجاز قولهم: تزوجت فلانة على بيت: أي على فرش يكفي البيت. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها " تزوجني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على بيت قيمته خمسون درهما " أي: على متاع بيت، فحذف المضاف، وأقيم (5) المضاف إليه مقامه.
ومن المجاز: البيت بيت الشاعر، سمي بيتا، لأنه كلام جمع منظوما، فصار كبيت جمع من شقق [وكفاء] (6) ورواق وعمد. وقول الشاعر:
وبيت على ظهر المطي بنيته * بأسمر مشقوق الخياشيم يرعف قال: يعني بيت شعر كتبه بالقلم. كذا في التهذيب (7).
وفي اللسان: والبيت من الشعر، مشتق من بيت الخباء، وهو يقع على الصغير والكبير، كالرجز والطويل، وذلك لأنه يضم الكلام، كما يضم البيت أهله، ولذلك سموا مقطعاته أسبابا وأوتادا، على التشبيه لها بأسباب البيوت وأوتادها، والجمع أبيات. وحكى سيبويه في جمعه: بيوت، وهكذا قاله ابن جني. قال أبو الحسن: وإذا كان البيت من الشعر مشبها بالبيت من الخباء وسائر البناء، لم يمتنع أن يكسر على ما كسر عليه.
والبيوت، كخروب: الماء البارد يقال: ماء بيوت: بات فبرد، قال غسان السليطي: