قلت: قال ابن سيده: وعندي أن بهوتا جمع باهت، لا جمع بهوت، لأن فاعلا يجمع على فعول، وليس فعول مما يجمع على فعول. قال: فأما ما حكاه أبو عبيد، من أن عذوبا جمع عذوب، فغلط، إنما هو جمع عاذب. فأما عذوب، فجمعه عذب، ا ه وابن بهتة. بتسكين الهاء. وقد يحرك: أبو حفص عمر بن محمد بن حميد بن بهتة محدث، عن أبي مسلم الكجي وابنه أبو الحسن محمد بن عمر، عن المحاملي (1)، هكذا قيده الأمير بهتة بالفتح، ومثله للصاغاني، هو في تاريخ الخطيب بالتحريك مجود الضبط.
وقول الجوهري: فابهتي عليها (2)، أي: فابهتيها، لأنه لا يقال: بهت عليه على ما تقدم تصحيف وتحريف، والصواب: فانهتي عليها بالنون، لا غير (3). ولنذكر أولا نص عبارة الجوهري، ثم نتكلم عليه. قال: وأما قول أبي النجم:
* سبي الحماة وابهتي عليها * فإن على مقحمة، لا يقال: بهت عليه، وإنما الكلام بهته، انتهى. فبين أنه قول أبي النجم، وأنه " وابهتي " بالواو دون الفاء.
قال شيخنا: قد سبقه إليه ابن بري، والصاغاني وغيرهما. ورواه المصنف على ما أثبت في صحاحه. فإن كانت رواية ثابتة، فلا يلتفت لدعوى التصحيف؛ لأنها في مثله غير مسموعة والحذف والإيصال باب واسع لمطلق النحاة وأهل اللسان، فضلا عن العرب الذين هم أئمة الشأن. وإن لم تثبت الرواية كما قال، وصحت الرواية معهم، ثبت التصحيف حينئذ بالنقل، لا لأنه لا يقال، كما قال، وليس عندي جزم في الرواية حتى أفصل قوليهما، وأنظر مالهما وما عليهما؛ وإنما ادعاء التحريف بمجرد أنه لا يتعدى بهت بعلى، دعوى خالية عن الحجة، انتهى.
قلت: وأما نص ابن بري في حواشيه على ما نقله عنه ابن منظور وغيره: زعم الجوهري أن " على " في البيت مقحمة، أي زائدة؛ قال: إنما عدى ابهتي بعلى، لأنه بمعنى: افتري عليها، والبهتان افتراء، وقال: ومثله مما عدي بحرف الجر، حملا على معنى فعل يقاربه بالمعنى، قوله عز وجل: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " (4) تقديره: يخرجون عن أمره؛ لأن المخالفة خروج عن الطاعة.
قال: ويجب على قول الجوهري أن تجعل " عن " في الآية زائدة. وعن، وعلى: ليستا مما يزاد كالباء، انتهى. وهو قول أبي النجم يخاطب امرأته (5)، وبعده:
فإن أبت فازدلفي إليها * وأعلقي يديك في صدغيها (6) ثم اقرعي بالود مرفقيها * وركبتيها واقرعي كعبيها وظاهري النذر به عليها (7) * لا تخبري الدهر به إبنيها (8) هكذا أنشده الأصمعي.
* ومما يستدرك عليه:
بهت الفحل عن الناقة: نحاه، ليحمل عليها فحل أكرم منه.