كأنه نقص كلامه بما حكاه من ثلث الناقة: ولدها الثالث، وهذا غير وارد عليه؛ لأن مراد الجوهري أن الثلث في الأظماء غير وارد، ونص عبارته: والثلث بالكسر من قولهم: هو يسقي نخله الثلث، ولا يستعمل الثلث إلا في هذا الموضع، وليس في الورد ثلث؛ لأن أقصر الورد الرفه: وهو أن تشرب الإبل كل يوم، ثم الغب: وهو أن ترد يوما وتدع يوما، فإذا ارتفع من الغب فالظمء الربع، ثم الخمس، وكذلك إلى العشر، قاله الأصمعي. انتهى.
فعرف من هذا أن مراده أن الأظماء ليس فيها ثلث، وهو صحيح متفق عليه، ووجود ثلث النخل، أو ثلث الناقة - لولدها الثالث - لا يثبت هذا، ولا يحوم حوله، كما هو ظاهر، فقوله: فيه نظر، فيه نظر. كما حققه شيخنا.
وجاءوا " ثلاث " ثلاث " ومثلث " مثلث، أي ثلاثة ثلاثة.
وقال الزجاج: - في قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " (1) معناه: اثنتين اثنتين (2)، وثلاثا ثلاثا، إلا أنه لم ينصرف؛ لجهتين: وذلك أنه اجتمع علتان: إحداهما أنه معدول عن اثنين اثنين وثلاث ثلاث، والثانية (3) أنه عدل عن تأنيث.
وفي الصحاح: ثلاث ومثلث " غير مصروف " للعدل والصفة، والمصنف أشار إلى علة واحدة، وهي العدل، وأغفل عن الوصفية فقال: " معدول من ثلاثة ثلاثة " إلى ثلاث ومثلث، وهو صفة؛ لأنك تقول: مررت بقوم مثنى وثلاث، وهذا قول سيبويه.
وقال غيره (4): إنما لم يصرف (5) لتكرر العدل فيه: في اللفظ، والمعنى لأنه عدل عن لفظ اثنين إلى لفظ مثنى وثناء، وعن معنى اثنين إلى معنى اثنين اثنين [لأنك] (6) إذا قلت: جاءت الخيل مثنى، فالمعنى: اثنين اثنين، أي جاءوا مزدوجين (7)، وكذلك جميع معدول العدد، فإن صغرته صرفته، فقلت: أحيد وثنى (8) وثليث وربيع؛ لأنه مثل حمير، فخرج إلى مثال ما ينصرف، وليس كذلك أحمد وأحسن؛ لأنه لا يخرج بالتصغير عن وزن الفعل؛ لأنهم قد قالوا - في التعجب -: ما أميلح زيدا، وما أحيسنه.
وفي الحديث: " لكن اشربوا مثنى وثلاث ورباع وسموا الله تعالى " يقال: فعلت الشيء مثنى وثلاث ورباع، غير مصروفات، إذا فعلته مرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا.
" وثلثت القوم " أثلثهم ثلثا، " كنصر: أخذت ثلث أموالهم "، وكذلك جميع الكسور إلى العشر. وثلثت "، كضرب " أثلث ثلثا ": كنت ثالثهم، أو كملتهم ثلاثة، أو ثلاثين، بنفسي ".
قال شيخنا: " أو " هنا بمعنى الواو، أو للتفصيل والتخيير، ولا يصح كونها لتنويع الخلاف. انتهى.
قال ابن منظور: وكذلك إلى العشرة، إلا أنك تفتح: أربعهم وأسبعهم وأتسعهم فيها (9) جميعا؛ لمكان العين.
وتقول: كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم، أي صرت بهم تمام ثلاثين وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم، مثل لفظ الثلاثة والأربعة، كذلك إلى المائة، وأنشد ابن الأعرابي قول الشاعر في ثلثهم إذا صار ثالثهم، قال ابن برى: هو لعبد الله بن الزبير الأسدي يهجو طيئا:
فإن تثلثوا نربع وإن يك خامس * يكن سادس حتى يبيركم القتل