وفي حديث آخر: " قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه " سئل الأوزاعي عنه فقال: هو صغر الأوعية (1)، وقال غيره: هو مثل قوله: " كيلوا طعامكم ".
وتقوت بالشيء، واقتات به، واقتاته جعله قوته. وحكى ابن الأعرابي أن الاقتيات هو القوت، جعله اسما له، قال ابن سيده: ولا أدري كيف ذلك، قال: وقول طفيل: [الغنوي]:
* يقتات فضل سنامها الرحل * قال: عندي أن يقتات هنا بمعنى يأكل فيجعله قوتا لنفسه، وأما ابن الأعرابي فقال: معناه يذهب به شيئا بعد شيء، قال: ولم أسمع هذا الذي حكاه ابن الأعرابي إلا في هذا البيت وحده، فلا أدري أتأول [منه] أم سماع سمعه (2)، قال ابن الأعرابي: وحلف العقيلي يوما [فقال]: لا وقائت نفسي القصير، ما فعلت، قال: هو من قوله:
* يقتات فضل سنامها الرحل * قال: والاقتيات والقوت واحد، قال أبو منصور: لا وقائت نفسي، أراد بنفسي (3) روحه، والمعنى: أنه يقبض روحه نفسا بعد نفس، حتى يتوفاه كله، وقوله:
* يقتات فضل سنامها الرحل * أي يأخذ الرحل - وأنا راكبه - شحم سنام الناقة قليلا قليلا حتى لا يبقى منه شيء، لأنه ينضيها. " والقائت: الأسد "، وذا من التكملة والقائت " من العيش: الكفاية " يقال: [هو] في قائت من العيش، أي [في] (4) كفاية " والمقيت: الحافظ للشيء والشاهد له " وأنشد ثعلب للسموأل بن عادياء:
رب شتم سمعته وتصامم * ت وعى تركته فكفيت ليت شعري وأشعرن إذا ما * قربوها منشورة ودعيت ألى الفضل أم على إذا حو * سبت إنى على الحساب مقيت أي أعرف ما علمت من السوء، لأن الإنسان على نفسه بصيرة.
وحكى ابن برى عن أبي سعيد السيرافي قال: الصحيح رواية من روى:
"... ربى على الحساب مقيت " قال: لأن الخاضع لربه لا يصف نفسه بهذه الصفة، قال ابن برى: الذي حمل السيرافي على تصحيح هذه الرواية أنه بنى على أن مقيتا بمعنى مقتدر، ولو ذهب مذهب من يقول: إنه الحافظ للشيء والشاهد له - كما ذكر الجوهري - لم ينكر الرواية الأولى.
والمقيت في أسماء الله الحسنى: الحفيظ.
وقال الفراء: المقيت " المقتدر (5) " والمقدر " كالذي يعطي كل أحد " وكل شيء - وفي بعضها كل رجل، وهو نص عبارة الفراء - " قوته ".
وقيل: المقيت: هو الذي يعطى أقوات الخلائق، من أقاته يقيته، إذا أعطاه قوته، وأقاته أيضا، إذا حفظه، وفي التنزيل العزيز " وكان الله على كل شيء مقيتا " (5) وقال الزجاج: المقيت القدير، وقيل: الحفيظ [قال] (6) هو [عندي] (6) بالحفيظ أشبه، لأنه مشتق من القوت، يقال: قت الرجل أقوته قوتا، إذا حفظت نفسه بما يقوته والقوت: اسم الشيء الذي يحفظ نفسه ولا فضل فيه على قدر الحفظ، فمعنى المقيت: الحفيظ الذي يعطى الشيء قدر الحاجة من الحفظ، ومثله قول الزجاج، وقيل في تفسير بيت السموأل:
* إني على الحساب مقيت * أي موقوف على الحساب، وقال آخر:
ثم بعد الممات ينشرني من * هو على النشر يا بني مقيت أي مقتدر.