3 - ويكفي أن نذكر هنا أنه " صلى الله عليه وآله وسلم " لم يقبل منه البعير أو البعيرين حين هجرته إلا بالثمن، الذي نقده إياه فورا وهو " صلى الله عليه وآله وسلم " في أحرج الأوقات. وإذا صح حديث رد رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " هبة أبى بكر هذه وهو مما استفاض نقله، فإنه يأتي على كل ما يروونه في انفاق المال من قبل أبى بكر على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ".
4 - هذا كله عدا عن أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لم يجهز في مكة جيشا، ولا أسعر حربا، ليحتاج إلى النفقة الواسعة في تجهيز الجيوش، واعداد الكراع والسلاح.
كما أنه لم يكن يتفكه، ويتنعم بانفاق الأموال.
وأما بعد الهجرة إلى المدينة. فإن أبا بكر قد ضمن بماله، الذي كان خمسة أو ستة آلاف درهم - كما يقولون - عن كل أحد، حتى عن ابنته أسماء التي كانت في أقسى حالات الفقر والجهد، حينما قدمت المدينة، حتى لقد كانت تخدم البيت، وتسوس الفرس وتدق النوى لناضحه، وتعلفه، وتستقي الماء، وتنقل النوى على رأسها من بعد ثلثي فرسخ، حتى أرسل إليها أبوها خادما كفتها سياسة الفرس، كما ادعت (1).
كما أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد مر في سنوات ضيق شديدة وصعبة، ولا سيما قبل خيبر، حتى لقد كان ربما يبقى اليومين أو الثلاثة بلا طعام، حتى يشد على بطنه الحجر (2) وكان الأنصار يتعاهدونه بجفان الطعام، فأين كانت عنه أموال أبي بكر وآلاف دراهمه، التي بقيت إلى تبوك، حيث يدعون: أنه جاء بجميع ماله، وهو أربعة آلاف درهم