ويحتاج المهاجرون إلى أن يواسي بعضهم بعضا.
كما أنه قد هاجر من قبيلة رجل واحد، ومن أخرى عشرة مثلا، فالواحد يحتاج إلى العشرة في معونتهم ورعايتهم. ثم إنهم يدعون: أن بعض المهاجرين قد حمل ماله معه، فيمكن أن يعين بعضهم بعضا حتى بالمال إن صحت دعواهم تلك.
ولكننا لا نوافق على قولهم الأخير بالنسبة لعلي (ع) والنبي (ص)، لأن عليا (ع) قد بلغ منزلة يستطيع معها أن يعول نفسه بالعمل، والحصول على ما يحتاج إليه، أو بالزراعة، أو التجارة بل والغنائم أيضا.
وإنما الغرض من مؤاخاة الرسول (ص) له، هو تعريف الناس بمنزلته، لاظهار فضله على غيره، لأنه كان يؤاخي بين الرجل ونظيره، كما يظهر من دراسة عملية المؤاخاة نفسها، لأن ذلك أقرب إلى التعاضد والتعاون، وأوجب للتآلف والمحبة (1).
وثانيا: قد أخرج الحاكم، وابن عبد البر، بسند حسن: أن النبي " صلى الله عليه وآله " " آخى بين الزبير وابن مسعود، وهما من المهاجرين.
وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني. ويصرح ابن تيمية بأن أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك (2).
ولكن لابد أن يكون ذلك بعد قدوم ابن مسعود إلى المدينة، لأنه كان من مهاجري الحبشة، وإنما قدم المدينة بعد قضية المؤاخاة العامة، وذلك حين كان (ص) يتجهز إلى بدر (3).