الأدب على ابن دريد وأبي بكر بن الأنباري ونفطويه، وأخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد، وسمع من محمد بن مخلد العطار. وقرأ على أبي سعيد السيرافي وكان منتصرا له على أبي علي الفارسي. انتقل إلى الشام، ثم إلى حلب فاستوطنها، وتقدم في العلوم حتى كان أحد أفراد عصره، وكانت الرحلة إليه من الآفاق، واختص بسيف الدولة بن حمدان وبنيه، وقرأ عليه آل حمدان وكانوا يجلونه ويكرمونه فانتشر علمه وفضله وذاع صيته. وله مع أبي الطيب المتنبي مناظرات. توفي بحلب في سنة 370 ه.
مصنفاته وهي كثيرة طبع منها: إعراب ثلاثين سورة من القرآن. الحجة في القراءات السبع (1). رسالة في أسماء الريح. الشجر (2). شرح ديوان أبي فراس الحمداني. العشرات (3). ليس في كلام العرب (4). مختصر في شواذ القرآن. ومن كتبه المخطوطة: شرح المقصورة الدريدية وكتاب القراءات (5).
موضوع الرسالة لم يكن ابن خالويه أول من ألف في الريح، فقد سبقه أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان الزيادي المتوفى سنة 249 ه في كتابه: أسماء السحاب والرياح والأمطار (6) وأبو بكر بن السراج المتوفي 316 ه في كتابه: الرياح والهواء والنار (7). وقد أفرد أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 ه بابا للرياح في كتابه الغريب المصنف وكان ابن خالويه عيالا عليه إذ نقل معظم ما أورده أبو عبيد دون إشارة لذلك.
وقد اهتم المؤلفون بالرياح فأفردوا لها أبوابا من كتبهم منهم:
1 ابن السكيت المتوفى سنة 244 ه في: تهذيب الألفاظ.
2 الهمذاني المتوفى سنة 320 ه في: الألفاظ الكتابية.
3 ابن فارس المتوفى سنة 390 ه في: متخير الألفاظ.
4 أبو هلال العسكري المتوفى سنة 395 ه في: التلخيص في معرفة أسماء الأشياء.
5 الثعالبي المتوفى سنة 429 ه في: فقه اللغة.
6 ابن سيده المتوفى سنة 458 ه في: المخصص.
7 الربعي المتوفى سنة 480 ه في: نظام الغريب.
8 ابن الأجدابي المتوفى بعد سنة 480 ه في: الأزمنة والأنواء.
وقد نشر رسالة الريح المستشرق الروسي كراتشكوفسكي (8) في مجلة إسلاميكا سنة 1927. ولقد حفزني على إعادة نشرها صعوبة الحصول عليها لقدم العهد بنشرتها الأولى، ثم إني ألحقت بالرسالة ذيلا يشتمل على فوائت من أسماء وصفات الريح لم يشر إليها ابن خالويه في رسالته. والله أسال أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه وأن يسدد أعمالي لما فيه الخير، إنه نعم المولى ونعم النصير.
هذه رسالة في أسماء الريح للشيخ ابن خالويه النحوي بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ أبو عبد الله الحسين بن خالويه النحوي: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فان الريح اسم مؤنثة (9) وتصغيرها رويحة، قال الله جل وعز:
كمثل ريح فيها صر (10) أي البرد، ومن ذلك الحديث: لا باس بأكل الجراد إذا قتلته الصر أي البرد، وقال جل وعز: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة (12). فاما قوله: ريح عاصف (13) ففيه قولان: أحدهما أنه مثل قولهم: امرأة حائض وطامث، وقيل معناه:
ريح ذات عصوف. فاما الريح العقيم (14) فان الهاء ساقطة منها، لأن العرب تقول: رجل عقيم وامرأة عقيم، لا يولد لهما ولد، وريح عقيم، لا تلقح الأشجار. والريح الدولة (15)، قال الله تبارك وتعالى: وتذهب ريحكم أي دولتكم ثم رددنا لكم الكرة عليهم (16)، قال: الدولة.
والياء التي في الريح منقلبة من واو والأصل روح (17)، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وأدنى العدد أرواح مثل حوض وأحواض. وأنشدنا ابن دريد (18).
لبيت تخفق الأرواح فيه * أحب إلي من قصر منيف