بذلك وسمى له الرجل فعرفه ابن البعيث فأخبر ابن البعيث بغا بذلك فوقف بغا وشاور أصحابه فقال بعضهم هذا باطل هذه خدعة ليس من هذا شئ فقال بعض الكوهبانيين ان هذا رأس جبل أعرفه من صعد إلى رأسه نظر إلى عسكر الأفشين فصعد بغا والفضل بن كاوس وجماعة منهم ممن نشط فأشرفوا على الموضع فلم يروا فيه عسكر الأفشين فتيقنوا أنه قد مضى وتشاوروا فرأوا أن ينصرف الناس راجعين في صدر النهار قبل أن يجنهم الليل فأمر بغا داود سياه بالانصراف فتقدم داود وجد في السير ولم يقصد الطريق الذي كان دخل منه إلى هشتادسر مخافة المضايق والعقاب وأخذ الطريق الذي كان دخل منه في المرة الأولى يدور حول هشتادسر وليس فيه مضيق إلا في موضع واحد فسار بالناس وبعث بالرجالة فطرحوا رماحهم وأسلحتهم في الطريق ودخلتهم وحشة شديدة ورعب وصار بغا والفضل بن كاوس وجماعة القواد في الساقة وظهرت طلائع بابك فكلما نزل هؤلاء جبلا صعدته طلائع بابك يتراءون لهم مرة ويغيبون عنهم مرة وهم في ذلك يقفون آثارهم وهم قدر عشرة فرسان حتى كان بين الصلاتين الظهر والعصر فنزل بغا ليتوضأ ويصلى فتدانت منه طلائع بابك فبرزوا لهم وصلى بغا ووقف في وجوههم فوقفوا حين رأوه فتخوف بغا على عسكره أن يواقعه الطلائع من ناحية ويدور عليهم في بعض الجبال والمضايق قوم آخرون فشاور من حضره وقال لست آمن أن يكونوا جعلوا هؤلاء مشغلة يحبسوننا عن المسير ويقدمون أصحابهم ليأخذوا على أصحابنا المضايق فقال له الفضل بن كاوس ليس هؤلاء أصحاب نهار وإنما هم أصحاب ليل وإنما يتخوف على أصحابنا من الليل فوجه إلى داود سياه ليسرع السير ولا ينزل ولو صار إلى نصف الليل حتى يجاوز المضيق ونقف نحن ههنا فان هؤلاء ما داموا يروننا في وجوههم لا يسيرون فنماطلهم وندافعهم قليلا قليلا حتى تجئ الظلمة فإذا جاءت الظلمة لم يعرفوا لنا موضعا وأصحابنا يسيرون فينفذون أولا فأولا فان أخذ علينا نحن المضيق تخلصنا من طريق هشتادسر أو من طريق آخر وأشار غيره على بغا فقال إن العسكر قد تقطع وليس يدرك أوله
(٢٣٨)