منزلة ذلك منكم وفضيلته في أنفسكم على قدر حسن بلاء الله عندكم فيه إن شاء الله ولا قوة إلا بالله ثم إن أمير المؤمنين لم يكن منذ استخلفه الله بشئ من الأمور أشد اهتماما وعناية منه بهذا العهد لعلمه بمنزلته من أمر المسلمين وما أراهم الله فيه من الأمور التي يغبطون ويكرمهم فيما يقضى لهم ويختار له ولهم فيه جهده ويستقضي له ولهم فيه إلهه ووليه الذي بيده الحكم وعنده الغيب وهو على كل شئ قدير ويسأله أن يعينه من ذلك على الذي هو أرشد له خاصة وللمسلمين عامة فرأى أمير المؤمنين أن يعهد لكم عهدا بعد عهد تكونون فيه على مثل الذي كان عليه من كان قبلكم في مهلة من انفساح الأمل وطمأنينة النفس وصلاح ذات البين وعلم موضع الامر الذي جعله الله لأهله عصمة ونجاة وصلاحا وحياة ولكل منافق وفاسق يحب تلف هذا الدين وفساد أهله وقما وخسارا وقدعا فولى أمير المؤمنين ذلك الحكم ابن أمير المؤمنين وعثمان ابن أمير المؤمنين من بعده وهما ممن يرجو أمير المؤمنين أن يكون الله خلقه لذلك وصاغه له وأكمل فيه أحسن مناقب من كان يوليه إياه في وفاء الرأي وصحة الدين وجزالة المروءة والمعرفة بصالح الأمور ولم يألكم أمير المؤمنين ولا نفسه في ذلك اجتهادا وخيرا فبايعوا للحكم ابن أمير المؤمنين باسم الله وبركته ولأخيه من بعده على السمع والطاعة واحتسبوا في ذلك أحسن ما كان الله يريكم ويبليكم ويعودكم ويعرفكم في أشباهه فيما مضى من اليسر الواسع والخير العام والفضل العظيم الذي أصبحتم في رجائه وخفضه وأمنه ونعمته وسلامته وعصمته فهو الامر الذي استبطأتموه واستسرعتم إليه وحمدتم الله على إمضائه إياه وقضائه لكم وأحدثتم فيه شكرا ورأيتموه لكم حظا تستبقونه وتجهدون أنفسكم في أداء حق الله عليكم فإنه قد سبق لكم في ذلك من نعم الله وكرامته وحسن قسمه ما أنتم حقيقون أن تكون رغبتكم فيه وحدبكم عليه على قدر الذي أبلاكم الله وصنع لكم منه وأمير المؤمنين مع ذلك إن حدث بواحد من ولي عهده حدث أولى بأن يجعل مكانه وبالمنزل الذي كان به من أحب أن يجعل من أمته أو ولده ويقدمه بين يدي الباقي منهما إن شاء أو أن يؤخره بعده فاعلموا ذلك وافهموه
(٥٣٢)