ويتمسك بحظوتها ويعرف خيرة قضاء الله لأهلها ثم إن الله وله الحمد والمن والفضل هدى الأمة لافضل الأمور عافية لها في حقن دمائها والتئام ألفتها واجتماع كلمتها واعتدال عمودها وإصلاح دهمائها وذخر النعمة عليها في دنياها بعد خلافته التي جعلها لهم نظاما ولامرهم قواما وهو العهد الذي ألهم الله خلفاءه توكيده والنظر للمسلمين في جسيم أمرهم فيه ليكون لهم عندما يحدث بخلفائهم ثقة في المفزع وملتجأ في الامر ولما للشعث وصلاحا لذات البين وتثبيتا لارجاء الاسلام وقطعا لنزغات الشيطان فيما يتطلع إليه أولياؤه ويوثبهم عليه من تلف هذا الدين وانصداع شعب أهله واختلافهم فيما جمعهم الله عليه منه فلا يريهم الله في ذلك إلا ما ساءهم وأكذب أمانيهم ويجدون الله قد أحكم بما قضى لأوليائه من ذلك عقد أمورهم ونفى عنهم من أراد فيها إدغالا أو بها إغلالا أو لما شدد الله منها توهينا أو فيما تولى الله منها اعتمادا فأكمل الله بها لخلفائه وحزبه البر الذين أودعهم طاعته أحسن الذي عودهم وسبب لهم من اعزازه واكرامه واعلائه وتمكينه فأمر هذا العهد من تمام الاسلام وكمال ما استوجب الله على أهله من المنن العظام ومما جعل الله فيه لمن أجراه على يديه وقضى به على لسانه ووفقه لمن ولاه هذا الامر عنده أفضل الذخر وعند المسلمين أحسن الأثر فيما يؤثر بهم من منفعته ويتسع لهم من أمنه ويستندون إليه من عزه ويدخلون فيه من وزره الذي يجعل الله لهم به منعة ويحرزهم به من كل مهلكة ويجمعهم به من كل فرقة ويقمع به أهل النفاق ويعصمهم به من كل اختلاف وشقاق فاحمدوا الله ربكم الرؤف بكم الصانع لكم في أموركم على الذي دلكم عليه من هذا العهد الذي جعله لكم سكنا ومعولا تطمئنون إليه وتستظلون في أفنانه ويستنهج لكم به مثنى أعناقكم وسمت وجوهكم وملتقى نواصيكم في أمر دينكم ودنياكم فإن لذلك خطرا عظيما من النعمة وان فيه من الله بلاء حسنا في سعة العافية يعرفه ذوو الألباب والنيات المريئون من أعمالهم في العواقب والعارفون منار مناهج الرشد فأنتم حقيقون بشكر الله فيما حفظ به دينكم وأمر جماعتكم من ذلك جديرون بمعرفة كنه واجب حقه فيه وحمده على الذي عزم لكم منه فلتكن
(٥٣١)