الطاعة التي أمر بلزومها والاخذ بها والأثرة لها والتي قامت بها السماوات والأرض قال الله تبارك وتعالى (ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) وقال عز ذكره (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) فبالخلافة أبقى الله من أبقى في الأرض من عباده وإليها صيره وبطاعة من ولاه إياها سعد من ألهما ونصرها فان الله عز وجل علم أن لا قوام لشئ ولاصلاح له إلا بالطاعة التي يحفظ الله بها حقه ويمضى بها أمره وينكل بها عن معاصيه ويوقف عن محارمه ويذب عن حرماته فمن أخذ بحظه منها كان لله وليا ولامره مطيعا ولرشده مصيبا ولعاجل الخير وآجله مخصوصا ومن تركها ورغب عنها وحاد الله فيها أوضاع نصيبه وعصى ربه وخسر دنياه وآخرته وكان ممن غلبت عليه الشقوة واستحزذت عليه الأمور الغاوية التي تورد أهلها أفظع المشارع وتقودهم إلى شر المصارع فيما يحل الله بهم في الدنيا من الذلة والنقمة ويصيرهم فيما عندهم من العذاب والحسرة والطاعة رأس هذا الامر وذروته وسنامه وزمامه وملاكه وعصمته وقوامه بعد كلمة الاخلاص التي ميز الله بها بين العباد وبالطاعة قال المفلحون من الله منازلهم واستوجبوا عليه ثوابهم وفي المعصية مما يحل بغيرهم من نقماته وتصيبهم عليه ويحق من سخطه وعذابه وينزل بالطاعة والإضاعة لها والخروج منها والادبار عنها والتبدل بها أهلك الله من ضل وعتا وعمى وغلا وفارق مناهج البر والتقوى فالزموا طاعة الله فيما عراكم ونالكم وألم بكم من الأمور وناصحوها واستوثقوا عليها وسارعوا إليها وخالصوها وابتغوا القربة إلى الله بها فإنكم قد رأيتم موأقع قضاء الله لأهلها في إعلائه إياهم وإفلاجه حجتهم ودفعه باطل من حادهم وناواهم وساماهم وأراد إطفاء نور الله الذي معهم وأخبرتم مع ذلك ما يصير إليه أهل المعصية من التوبيخ لهم والتقصير بهم حتى يؤول أمرهم إلى تبار وصغار وذلة وبوار وفي ذلك لمن كان له رأى وموعظة عبرة ينتفع بواضحها
(٥٣٠)