وسمن ثم جاءت الموائد فأكلوا فقال عبد الملك بن مروان ما ألذ عيشنا لو أن شيئا يدوم ولكنا كما قال الأول:
وكل جديد يا أميم إلى بلى * وكل امرئ يوما يصير إلى كان فلما فرغ من الطعام طاف عبد الملك في القصر يقول لعمرو بن حريث لمن هذا البيت ومن بنى هذا البيت وعمرو يخبره فقال عبد الملك وكل جديد يا أميم إلى بلى * وكل امرئ يوما يصير إلى كان ثم أتى مجلسه فاستلقى وقال:
اعمل على مهل فإنك ميت * واكدح لنفسك أيها الانسان فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى * وكأن ما هو كائن قد كان (وفى هذه السنة) افتتح عبد الملك في قول الواقدي قيسارية ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ذكر الخبر عما كان فيها من الاحداث الجليلة (قال أبو الجعفر) فمن ذلك ما كان من أمر الخوارج وأمر المهلب بن أبي صفرة وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد (ذكر هشام بن محمد) عن أبي مخنف أن حصيرة بن عبد الله وأبا زهير العبسي حدثاه أن الأزارقة والمهلب بعد ما اقتتلوا بسولاف ثمانية أشهر أشد القتال أتاهم أن مصعب بن الزبير قد قتل فبلغ ذلك الخوارج قبل أن يبلغ المهلب وأصحابه فناداهم الخوارج ألا تخبروننا ما قولكم في مصعب قالوا إمام هدى قالوا فهو وليكم في الدنيا والآخرة قالوا نعم قالوا وأنتم أولياؤه أحياء وأمواتا قالوا ونحن أولياؤه أحياء وأمواتا قالوا فما قولكم في عبد الملك بن مروان قالوا ذلك ابن اللعين نحن إلى الله منه برآء هو عندنا أحل دما منكم قالو أفأنتم منه برآء في الدنيا والآخرة قالوا نعم كبراء تنامنكم قالوا وأنتم له أعداء أحياء وأمواتا قالوا نعم نحن له أعداء كعداوتنا لكم قالوا فان امامكم مصعبا قد قتله عبد الملك بن مروان ونراكم ستجعلون غدا عبد الملك إمامكم وأنتم الآن تتبرؤن منه وتلعنون أباه قالوا كذبتم يا أعداء الله فلما كان