من ساعته وخرج عياض من السجن فختم أبواب الخزائن وأمر بهشام فأنزل عن فرشه فما وجدوا له قمقما يسخن له فيه الماء حتى استعاروه ولا وجدوا كفنا من الخزائن فكفنه غالب مولى هشام فكتب الوليد إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أن يأتي الرصافة فيحصى ما فيها من أموال هشام وولده ويأخذ عماله وحشمه إلا مسلمه بن هشام فإنه كتب إليه أنه لا يعرض له ولا يدخل منزله فإنه كان يكثر أن يكلم أباه في الرفق به ويكفه عنه فقدم العباس الرصافة فأحكم ما كتب به إليه الوليد وكتب إلى الوليد بأخذ بنى هشام وحشمه وإحصاء أموال هشام فقال الوليد ليت هشاما كان حيا يرى * محلبه الأوفر قد أترعا (ويروى) ليت هشاما عاش حتى يرى * مكياله الأوفر قد طبعا كلناه بالصاع الذي كاله * وما ظلمناه به إصبعا وما أتينا ذاك عن بدعة * أحله الفرقان لي أجمعا فاستعمل الوليد العمال وجاءته بيعته من الآفاق وكتب إليه العمال وجاءته الوفود وكتب إليه مروان بن محمد بارك الله لأمير المؤمنين فيما أصاره إليه من ولاية عباده ووراثة بلاده وكان من تغشى غمرة سكرة الولاية ما حمل هشاما على ما حاول من تصغير ما عظم الله من حق أمير المؤمنين ورام من الامر المستصعب عليه الذي أجابه إليه المدخولون في آرائهم وأديانهم فوجدوا ما طمع فيه مستصعبا وزاحمته الاقدار بأشد مناكبها وكان أمير المؤمنين بمكان من الله حاطه فيه حتى إزره بأكرم مناطق الخلافة فقام بما أراه الله له أهلا ونهض مستقلا بما حمل منها مثبتة ولايته في سابق الزبر بالأجل المسمى خصه الله بها على خلقه وهو يرى حالاتهم فقلده طوقها ورمى إليه بأزمة الخلافة وعصم الأمور فالحمد لله الذي اختار أمير المؤمنين لخلافته ووثائق عرى دينه وذب له عما كاده فيه الظالمون فرفعه ووضعهم فمن أقام على تلك الخسيسة من الأمور أوبق نفسه وأسخط ربه
(٥٢٦)