لعلم كل من الراويين مثلا بالفرد الآخر يدفعه بعد أصالة العدم ظهور سؤالهما في عدم علمهما بذلك، كاحتمال تأخير البيان فيهما في ذلك الخطاب ثم علماه وقت الحاجة.
نعم قد يقال إن الاقتصار لعدم التفاوت المعتد به في العلامتين، إذ متى وصل الحد الذي يخفى فيه الأذان خفي عليه الجدران، وبالعكس بعد إرادة الوسط من كل منهما وكون الأذان على مرتفع أيضا وأنه في طرف البلاد من ناحية المسافر وإرادة صور الجدران لا شبحها، بل ينبغي الجزم بذلك بناء على كون المراد من رواية الجدران تواريه عنها بمعنى خفائه بحيث لا تتميز صورته دون شبحه، لا تواريها عنه كما فهمه سيد المدارك من الصحيح المزبور وتبعه عليه الكاشاني صريحا في الوافي وظاهرا في المفاتيح، حيث عبر فيها بما في الصحيح كاللمعة وعن البيان والحدائق، ولعله أوفق به وإن كان المعروف بين الأصحاب الثاني كما اعترف به في الرياض، ومن هنا لم يكن مناص عن متابعتهم في ذلك، ولعله لأنه وإن كان في الصحيح تواريه عنها لا تواريها عنه لكن المراد بتواريه عنها استتاره بحيث لا تراه لو كانت مبصرة، ومن المعلوم أنه متى توارى عنها كذلك توارث هي عنه أيضا، وإلا لم يتوار عنها، كما هو واضح، لأنه من باب المفاعلة (1).
ولعل اختيار الأصحاب هذا التعبير على ما في الصحيح لإرادة بيان كون المراد به ذلك، إذ المواراة عن البيوت لا سبيل إلى معرفة المسافر لها على التحقيق إلا باستتاره عنهما، واحتمال إرادة من في البيوت من البيوت في الصحيح يدفعه مع أنه إضمار بلا قرينة، وعدم معلومية كون من في البيوت على السطوح أو الأرض، ومقدار الارتفاع والانخفاض ونحو ذلك - أن المناسب حينئذ أن يقدره باستتار من في البيوت عليه لأنه هو الذي يستطيعه المسافر حتى يكون علامة، ضرورة عدم معرفته أنه استتر