عن أهل البيوت أولا، إذ ذاك أمر لا يرجع إليه، اللهم إلا أن يجعل ذلك على سبيل التخمين، وفيه أنه لا وجه له مع تمكنه منه على طريق التحقيق بأن ينظر إلى من في البيوت ولم ير أحدا منهم، فيعلم أنه توارى عنهم، لأن الغالب مساواة الأشخاص والأنظار، فلو كان ذلك هو العلامة لاعتبر الشارع الطريق إليها، فعلم كون المعتبر خفاء نفس البيوت لا من فيها.
فالوجه حينئذ بناء ذلك على التسامح في مثل هذا التفاوت اليسير، ولعله لاختلاف المسافرين باعتبار سهولة كل من العلامتين عليه، بل عدم تيسر الأخرى له إلا بمراعاة التقدير الذي يصعب الاطمئنان به في كثير من الأمكنة، بل جزم بعض فضلاء المعاصرين بأن السبب في ذكر العلامتين التسهيل والتخفيف على المكلفين بالاكتفاء في التقصير بأيهما حصل من غير التفات إلى صورة الاجتماع وحصول أحدهما وتخلف الآخر، وإنما المراد كون خفاء الأذان سببا في الجملة وكذا الجدران، فيكفي في صدق ذلك إذا كان كل منهما منفردا بدون الآخر كما هو الغالب على ما في الرياض بل جعل المعاصر المزبور ذلك هو مراد الأصحاب حتى من ذكر الواو فضلا عن (أو) لكن فيه أنه مبني على أن اعتبار المعية في كلام بعضهم مخصوص بما إذا اجتمعا، أما إذا سافر عن مكان لا جدران فيه أولا أذان وجب الاكتفاء بأحدهما من غير ملاحظة الآخر كما جزم به الفاضل في الرياض والمقدس البغدادي وغيرهما، بل ظاهر الأخير منهما أنه من القطعيات التي لا شك فيها، وهو وإن كان على تقديره فيه نوع تأييد للمطلوب عند التأمل إلا أنه للنظر فيه مجال، لظهور مثل هذه العبارات في أمثال هذه المقامات نصا وفتوى في إرادة التقدير عند الفقدان.
فالمتجه حينئذ بناء على اعتبار المعية التي جعلت وجه جمع بين الخبرين اعتبار تقدير المفقود كما إذا فقدا معا، فإنه لا ريب في التقدير حينئذ وإن ذكره في الروض