من الخطأ الفاحش - بأنه قد يقترنان كما إذا سمع الأذان حين خفي عليه الجدران، سلمنا لكن إذا سبق أحدهما كالخفاء ولم يصل أو لم يسلم علي الثنتين حتى سمع الأذان كيف يصنع، وقد تناقض عليه العلامتان، قال: (والحق في الجواب أن التخيير بين الخبرين، وإذا أخذ بأحدهما لم يلتفت إلى ما جاء به الآخر حتى كأنه لم يجئ - ثم قال - وإذا أخذ بواحد منهما فهل يتعين الأخذ به ولا يسوغ له العدول إلى الآخر من حيث أن الشارع خيره فاختار نصيبه، أو لا زال على التخيير كما لو كان التخيير بين الفعلين كما في المواطن الأربع؟ وجهان) إلى آخره.
لكن لا يخفى عليك أن ذلك كله من غرايب الكلام، ضرورة أنه لا دلالة في شئ من كلمات الجماعة على أصل التخيير فضلا عن هذا التخيير المزبور، إذ لم يعبروا إلا بنحو المتن، وهو ظاهر إن لم يكن صريحا في إرادة ثبوت التقصير بأحدهما، فلا يقدح حينئذ تخلف الآخر، إذ أقصاه أنه علامة، فهي لا يجب اطرادها كما أوضحناه لك سابقا، فإن مفهوم كل منهما مقيد بمنطوق الآخر، فلا تناقض حينئذ، ولا تخيير حقيقة، بل هو أشبه شئ بتقديري الكر المساحة والوزن اللذين لا يقدح في تحقق الكرية بأحدهما تخلف الآخر على ما عرفته في محله.
ومنه يعلم فساد ما أطنب به الأستاذ الأكبر من بيان عدم جواز مثل هذا التخيير وأنه أوضح فسادا من القول بالتصويب، وليت شعري كيف يحتمل إرادة التخيير بين العمل بكل من الروايتين هنا من عبارات الأصحاب، ولو أرادوه لم يجز التعبير بذلك، لاختلافه بحسب اختيار الفقيه لأي الروايتين على أن تكون تكليفه وتكليف مقلديه، ولا دليل على أن التخيير هنا كتخيير الحايض بالرجوع إلى الروايات وبالجملة كان المقام من الواضحات التي لا تحتاج إلى مزيد إطناب.
ومنه حينئذ تعرف وجه اندفاع سائر ما تقدم مما أورد على هذا القول، ضرورة