لكنك خبير بأن ذلك كله في مقابلة الترجيح بالشهرة مخالف لأصول المذهب خصوصا مثل هذه الشهرة التي قيل إنها كادت تكون إجماعا، وخصوصا بعد اعتضادها بما سمعت، وخصوصا بعد إمكان المناقشة في دلالة الأخبار المزبورة بإرادة ما يشمل محل الترخص من البيت والمنزل فيها، إذ إرادة المنزل حقيقة حتى أنه لو دخل المصر لا يتم بعيدة جدا، مع أن الصحيح الأول (1) مساق لبيان أن العبرة في القصر والاتمام حال أداء الصلاة لا دخول الوقت كما لا يخفى على من لاحظه، والآخر (2) مجمل الدلالة عند التأمل، والموثق (3) يمكن تنزيله على من وصل بعض القرى من بلد الكوفة أو محالها بناء على أن فرض مثله التقصير حتى يدخل محل الترخص من محلته، خصوصا وقد عرفت أنهم مثلوا بالكوفة للبلاد المتسعة التي يكون فرض المسافر منها المحلة لا المصر بل يمكن تنزيل الجميع على التقية كما عن الوسائل وصرح به المقدس البغدادي، بل في الرياض المناقشة فيما عدا الموثق منها - زيادة على ما سمعت بورودها مورد الغالب - من أن المسافر إذا بلغ إلى حد الترخص يسارع إلى أهله من غير مكث للصلاة كما هو المشاهد غالبا من العادة، فلا يطمئن بشمول إطلاق الحكم بالقصر إلى دخول الأهل لمحل البحث انتهى، وإن كان فيه نوع تأمل.
فطرح أدلة المشهور حينئذ المعتضدة بما سمعت لمثل هذه الأخبار كما ترى، ولذا قال المصنف: (والأول أظهر) ومثله ما مال إليه بعض متأخري المتأخرين من التخيير لمن بلغ إلى محل الترخص في إيابه بين القصر والاتمام عملا بالدليلين، بل هو أضعف من الأول بوجوه، بل يمكن دعوى الاجماع المركب على خلافه، وكذا ما يقال من تنزيل هذه النصوص على من أراد المرور بمصره مستطرقا غير مستقر وكان قد أنشأ سفرا من مكان آخر، لخصوص بعض النصوص (4) الواردة في خصوص ذلك