من التعقيب " المراد به بحسب الظاهر أنهم لا يزاولون عملا أشق عليهم منه لما فيه من الحبس في الجملة، وقوله: " التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد " الذي من المعلوم كون الوجه فيه أن المعقب يكل أمره إلى الله ويشتغل بطاعته، وقد ورد (1) " من كان لله كان الله له " بخلاف التاجر الذي يطلب بكده ويتكل على أسبابه، خصوصا بعد قوله (عليهم السلام) (2): " الجلوس بعد صلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض ".
بل لا يخفى على من سبر سائر النصوص الواردة في المقام - وذكر التحريض في كثير منها على بعض الأذكار والأدعية قبل ثني الرجلين وما يحكي من أفعالهم (عليهم السلام) وإلزامهم أنفسهم بالمكث والجلوس وعدم الاشتغال بشغل آخر ومرسل الصادق (عليه السلام) المتقدم في تفسير الآية وغيره - أن المنساق إلى الذهن كون المراد بالتعقيب الاشتغال بالدعاء والذكر ونحوهما متصلا بالفريضة بحيث يكون هذا شغله لا أنه يشتغل معه بحوائجه وصنعته وحرفته وبنائه وجميع إراداته من أكل وشرب وجماع ومضي إلى الخلاء ونحو ذلك، بل ربما يصل إلى القطع بفساده، ولعل هذا المعنى هو المراد مما في الروضة من تفسيره شرعا بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء وذكر، ضرورة منافاة الاشتغال أن يشرك غيره معه من الحوائج واللوازم، إذ ليس المراد شغل اللسان خاصة، ولعل في قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (3) لما سأله عن تعقيب الإمام بأصحابه بعد التسليم: " يسبح ويذهب من شاء لحاجته ولا يعقب رجل