ربما فرضت المسألة في صورة أقرب مما ذكرنا، وهي فيما إذا كانت حاملا ثم وضعت بعد موته، فإن عدتها تنقضي بالوضع فقط، كما هو مذهب ابن أبي عقيل، فإذا نكحت غيره قبل تغسيله لمن يمنع ذلك من تغسيلها. إلا أن ذلك لا يتم بناء على ما هو المعروف من مذهب أصحابنا من العدة بأبعد الأجلين، لكن قد يظهر من المصنف في المعتبر مشهورية القول بجواز التزويج لها بمجرد الوضع بين أصحابنا، لأنه قال في الرد على أبي حنيفة حيث منع من تغسل الزوج زوجته معللا ذلك بانقطاع عصمة النكاح بينهما، فيحرم عليه النظر واللمس بدليل أنه يجوز له نكاح أختها والأربع وغير ذلك:
" واستدلال أبي حنيفة ضعيف، لأنا لا نسلم أن جواز نكاح الأربع والأخت يستلزم تحريم النظر واللمس، فإن المرأة الحامل يموت زوجها فتضع، ومع الوضع يجوز أن تنكح غيره ولا يمنعها ذلك من نظر الزوج ولا غسله، ولا حجة في العدة، لأنه لو طلقها بائنا ثم مات فهي عدة، ولا يجوز لها تغسيله " انتهى. اللهم إلا أن يريد به الالزام على ما عندهم، لكنه لا يتجه إلزامه بذلك لأبي حنيفة عند التأمل، هذا كله مع فرض كون العدة وفاة، أما لو فرض أنها عدة طلاق رجعي فيشكل تصور الحكم المذكور فيه، اللهم إلا أن يفرض أنه مات في آخر العدة ثم خرجت عن العدة قبل أن تغسله، فإن لها أن تتزوج حينئذ وتغسله، أما الأول فلخروجها عن العدة. وأما الثاني فلأنه مات وهي زوجة له، ويكون بعد الفرض حينئذ لندرة اتفاقه، وفيه أن الحكم في مثل الفرض اعتدادها بعدة الوفاة حينئذ، فليس لها التزويج كما سيأتي إن شاء الله في محله. فتأمل.
ثم إن الأقوى إلحاق الأمة مطلقا أم ولد كانت أو لا بالزوجة في جواز التغسيل من كل منهما إذا لم تكن مزوجة أو معتدة أو مبعضة أو مكاتبة، فلها تغسيله وله تغسيلها كما في القواعد والبيان ومجمع البرهان، بل لعله لا خلاف فيه بالنسبة للثاني، كما استظهر نفيه في مجمع البرهان، وفي جامع المقاصد أن تغسيله لها جائز قطعا إذا كان وطؤها