من جلد ما يؤكل لحمه ونحوه بخلاف الثاني، ولعله لذا صرح بعدم جواز التكفين بالجلود وإن كانت مما يؤكل لحمه، يرشد إليه مضافا إلى ذلك نزعه عن الشهيد مع أنه يجمع ما عليه في الدفن معه، واحتمال المناقشة - بمنع عدم صدق اسم الثياب على الجلود سيما في مثل الفراء ونحوها أو مما خيط منها على صورة الثياب، وربما يشعر به الاجتزاء به في الكفارة على ما قيل - مدفوعة بانصراف الثياب في المقام إلى غيرها لو سلم أصل الصدق.
ومما ذكرنا يظهر لك عدم جواز التكفين بنحو ذلك حتى لو قلنا ببقاء التكفين على المعنى اللغوي من المواراة كما هو التحقيق في النظر، يقال: كفن الخبزة بالملة أي واراها، وذلك لظهور الأدلة في اشتراط كونه من مسمى الثياب، فلا يتفاوت الحال حينئذ في ذلك، نعم لا يشترط فيه أزيد مما ذكرنا من الطهارة وعدم الحريرية والغصبية وكونه ثوبا، فلا إشكال في جواز التكفين بعد إحرازها وإن كان شعر ووبر ما يؤكل لحمه كما هو المشهور، بل لعله مجمع عليه بين الأصحاب، بل في الرياض أنه أجمع على جوازه بالصوف مما يؤكل لحمه، وعلى كل حال فلا أعرف فيه خلافا سوى ما يحكى عن الإسكافي، حيث أطلق المنع من التكفين بالشعر والوبر، وهو ضعيف، مع احتمال تنزيله على غيره.
نعم هل يعتبر الساترية في كل قطعة من القطع الثلاثة أو يكفي حصول الستر بالمجموع؟ صرح في جامع المقاصد والروض والروضة بالأول، لأنه المتبادر من الأثواب، وقد يمنع، ولأنه أحوط، وهو مبني على وجوب مراعاته في المقام، وقد يمنع أيضا سيما بعد إطلاق الأدلة بالاجتزاء بثلاثة أثواب، ومن هنا مال في الحدائق إلى الثاني تمسكا بأصالة العدم، لخلو المسألة عن النص، بل قد يشعر قوله (عليه السلام) في الصحيح (1): " إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل