الأدلة كاف في بيانه، وما ورد (1) من النهي عن الكتان وأنه كان لبني إسرائيل يكفنون به، والقطن لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) محمول على الكراهة والندب قطعا، وإن كان ربما يظهر من الخلاف وجوب ذلك، بل دعوى الاجماع عليه.
وقد يناقش في ذلك أولا بعدم انحصار الأدلة في الأخبار، ففي الغنية لا يجوز أن يكون مما لا تجوز فيه الصلاة من اللباس، وأفضله الثياب البياض من القطن أو الكتان، كل ذلك بدليل الاجماع، وثانيا بمنع بقاء التكفين على المعنى اللغوي، بل الظاهر ثبوت المراد الشرعي منه ولو مجازا، ويكفي ذلك في ثبوت إجماله فيستصحب الشغل إلى البراءة اليقينية، ولا أقل من حصول الشك في الاجتزاء بما منع من الصلاة به للاجماع المتقدم، أو لاشتراط جماعة في الكفن ذلك، منهم المصنف في النافع والعلامة في القواعد، فاشترطا كونه مما تجوز فيه الصلاة للرجال اختيارا، ولعله الظاهر أيضا ممن عبر بأن كل ما جازت الصلاة جاز التكفين فيه كالسرائر وغيرها، وفي جامع المقاصد لا يجوز التكفين بجلد ووبر ما لا يؤكل لحمه قطعا، وقد عرفت غير مرة أنها ممن لا يعمل بالظنيات تجري مجرى الاجماع، ولعله يشعر به أيضا عدم نقل خلاف فيه ممن عادته التعرض لمثل ذلك، وفي المحكي من مجمع البرهان " وأما اشتراطهم كون الكفن من جنس ما يصلى فيه وكونه غير جلد جلد فكأن دليله الاجماع " انتهى.
وكيف كان فالذي يقوى في النظر عدم جواز التكفين بجنس ما يمنع من الصلاة فيه كسائر ما لا يؤكل لحمه، نعم قد يناقش في الكلية الثانية، وهو جوازه بكل ما جازت الصلاة فيه بظهور الأدلة في اشتراط كون الكفن من مصداق الثياب، واحتمال المناقشة فيها بحمل التقييد فيها بذلك على الغالب ضعيفة، ولا ريب في عدم التلازم بين ما يصلى فيه وبين الثوبية، إذ لا إشكال في تحقق الأول بما لا يدخل تحت مسمى الثوب