وتعالى من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه، فوعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يسكته عبد إلا وجبت له الجنة " وهما وإن كانا ليسا في خصوص ما نحن فيه من التعزية لكنهما لا يخلوان من نوع تأييد له إلا أنه نص بعضهم على كراهة تعزية النساء الشابات معللا له بخوف الفتنة، كما عن آخر أنه لا سنة في تعزية النساء، وفيه مع ما عرفت مضافا إلى العمومات أن التعزية لا تختص بالمشافهة، بل تكون بالمكاتبة والارسال ونحوهما مما لا فتنة فيه.
وهل تستحب التعزية حتى لأهل العزاء بعضهم بعضا؟ ربما يصعب انصراف الأدلة إليه في بادئ النظر، لكن التأمل فيها قاض به سيما من كبير العشيرة وسيدها، وقد يومي إلى ذلك تعزية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عيال جعفر، مع أنه هو من أهل العزاء، نعم لا ريب في عدم انصرافها لأعداء الدين من أهل الذمة وغيرهم، بل وكذا المخالفين مع عدم العوارض الخارجية، وإلا فربما تجب حينئذ، كما أنها قد تحرم إذا استلزمت مودة ودعاء بما نهي عنه، وأما مع عدم العوارض فالظاهر الإباحة لعدم دليل على الاستحباب والكراهة، ولعله عليه يحمل ما في التذكرة من أن الأقرب جواز تعزية أهل الذمة، لأنها كالعيادة، وقد عاد النبي (صلى الله عليه وآله) غلاما من اليهود، وإلا فلا وجه لحمله على إرادة الاستحباب، والعيادة منه (صلى الله عليه وآله) مع أنها قد تكون لرجاء الاسلام والدعاء له كما حكي أنه أسلم الولد بتلك العيادة لا تستلزم استحباب التعزية، كما أنه على منع الاستحباب ينبغي أن يحمل ما في المعتبر من منع التعزية لهم، أو على ما إذا استلزمت موادة ونحوها كما يشعر به تعليله، وإلا فلا قاطع للأصل.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا حتى لو كان الميت مسلما، نعم لو كان العكس احتمل الاستحباب والدعاء للمسلم، قيل وينبغي أن يكون دعاؤه حيث يعزي المخالف للحق بالهام الصبر لا بالأجر، ويجوز لهم الدعاء بالبقاء، لما ثبت من جواز الدعاء لهم،