من الأخبار (1) الدالة على استحباب مطلق التبعية والتشييع لا على إرادة خروجه عن استحباب التشييع مع الركوب، إذ الظاهر أن المشي مستحب في مستحب، ومن خبر غياث يستفاد زوال الكراهة مع العذر كالحاجة إلى الركوب كما عن بعضهم التصريح به، بل عن التذكرة ونهاية الإحكام الاجماع عليه، كما أنه يستفاد منه ومن الأصل أيضا زوالها مع الرجوع، فتأمل جيدا.
و (منها) على ما هو المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك والبحار وعن غيرهما أن يكون مشي المشيع (وراء الجنازة أو إلى أحد جانبيها) فإنه أفضل من الإمام، وفي المعتبر والتذكرة نسبته إلى فقهائنا، بل في جامع المقاصد أنه يستحب أن يكون مشي المشيع خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها لا أمامها باجماع علمائنا، وظاهره أنه لأفضل في الإمام ولعله يرجع إليه سابقه وإن جئ فيه بصيغة التفضيل الظاهرة في وجوده فيه أيضا، لكنه صرح في المعتبر بأنه مباح، فيكون قرينة على صرف ذلك، وكيف كان فلا إشكال في رجحان المشي خلف الجنازة أو إلى أحد الجانبين على الإمام، ويدل عليه - مضافا إلى ما سمعت وإلى أنه أنسب بمعنى التشييع والاتباع الواردين في كثير من الأخبار - قول الصادق (عليه السلام) في موثق إسحاق بن عمار (2): " المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها " وزاد في التهذيب " ولا بأس أن يمشي بين يديها " وخبر جابر عن الباقر (عليه السلام) (3) قال: " مشى النبي (صلى الله عليه وآله) خلف جنازة، فقيل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مالك تمشي خلفها؟ فقال: إن الملائكة رأيتهم يمشون أمامها، ونحن نتبع لهم " ولا دلالة فيهما على أفضليته على المشي إلى أحد الجانبين، فلا ينافي حينئذ ما دل عليه مما تقدم، ومن قول الباقر (عليه السلام) في خبر