أخبار أهل البيت (عليهم السلام) في العمل وإن لم نعلم أن منشأ حكم المشهور تلك الأخبار نفسها، نعم قد يقال بالاكتفاء في الجبر بمقام عن سائر المقامات إذا علم أن منشأ علمهم بالحكم إنما هو خصوص هذه الأخبار، ولم يثبت، ولتحرير المسألة مقام آخر، وأما الثانية فأوضح فسادا، ضرورة أنه لا وجه لاستصحاب وجوب الجزء الثابت وجوبه من تلك الحيثية بعد انتفاء الكل، فمن ذلك كان الأول لا يخلو من قوة وإن كان الثاني أحوط إن لم يكن أولى، لا لما ذكر بل لما سيأتي مما دل (1) على كون المحرم كالمحل غسلا وغيره إلا أنه لا يقربه كافور، إذ المتعذر عقلا كالمعتذر شرعا.
ثم إنه ذكر في جامع المقاصد أنه بناء عليه يجب التمييز بين الغسلات بالنية محافظة على الترتيب، وفيه تأمل بل منع، كما أنه كذلك أيضا بالنسبة إلى وجوب التيمم بناء على المختار، لعدم ظهور تناول أدلة مشروعيته لمثل المقام كما هو واضح.
ثم إن الظاهر وجوب إعادة الغسل لو وجد الخليطان قبل الدفن على كل من القولين وفاقا للذكرى وجامع المقاصد والروض، وخلافا لصريح المدارك وظاهر مجمع البرهان، لعدم ظهور الأخبار في بدلية الممكن عن المتعذر حتى يقتضي الاجزاء فهو من قبيل الأعذار، بخلافه بعده قطعا مع استلزامه النبش، وعلى احتمال في غيره كما لو اتفق خروجه لأمر ما لانصراف إطلاقات الأخبار (2) إلى غيره، فالأصل البراءة، ولاطلاق ما حكاه في الرياض من الاجماع، وهو لا يخلو من نظر بناء على وجوب إعادته قبل الدفن، لابتنائه على ما عرفت من عذرية الغسل الأول، لا إجزائه، فهو كمن دفن بغير غسل ثم اتفق خروجه، اللهم إلا أن يفرق بين الأجزاء قبل الدفن وبعده تنزيلا لما بعد الدفن منزلة انتهاء زمان التكليف بخلافه قبل الدفن، وهو لا يخلو من وجه.