ومن ذلك تعرف إمكان الاحتياط هنا بتجديد النية من دون تعرض للجزئية وعدمها، فتأمل جيدا. كما أنك تعرف أيضا عدم منافاة ما اخترناه لتوزيع العمل على المكلفين، بل إجزاء الغسلة الواحدة وإن أوجبنا تجديد النية على كل واحد منهم، لكنها من حيث الجزئية أو من دون تعرض.
ثم من المعلوم أن النية إنما تعتبر من الغاسل حقيقة سواء كان متحدا أو متعددا لكونه الفاعل للتغسيل المأمور به، فلا عبرة بنية غيره، فما في الذكرى من الاجتزاء بنية المقلب لكون الصاب كالآلة حينئذ ضعيف إن أراد صحة النية منه وإن لم يصدق عليه اسم الغاسل، وكذا إن ادعى أنه الغاسل حقيقة، لظهور أن الغسل إنما هو إجزاء الماء، ولا مدخلية للمقلب فيه، نعم لو فرض إمكان تعدد الغاسل بحيث يصدق على كل واحد منهم أنه غاسل حقيقة لم يبعد الاجتزاء بنية أحدهم، ولا يقدح حينئذ كون أحدهم ليس من ذوي النيات المعتبرة كالمجنون، وإن قدح ذلك فيما لو اشترك الغسل بحيث يسند إلى المجموع لا إلى كل واحد، فتأمل.
ولو ترتب الغاسلون في فعل غسلة واحدة كما لو غسل كل واحد جزءا أو في الغسلات المتعددة كما لو غسله شخص بالسدر وآخر بالكافور اعتبرت النية من كل منهما لكن من حيث الجزئية أو مع عدم التعرض على حسب ما تقدم، ولا يجوز الاكتفاء بنية الأول لامتناع ابتناء فعل كل مكلف على نية مكلف آخر، واحتمال الاشكال في أصل هذا الحكم سيما إجزاء الغسل الواحد من حيث ظهور الأدلة في اتحاد المباشر وأنه لا وجه للاشتراك في العمل الواحد سيما مع القصد إلى ذلك من أول الأمر ضعيف، لا طلاق الأدلة وظهورها في إرادة بروز غسل بدن الميت من سائر المكلفين من غير اشتراط بشئ آخر، وما عساه يترائى من الاتحاد المفهوم من الأخبار لا ظهور فيه بكونه شرطا، بل هو من قبيل مورد الخطابات كما هو واضح، ومع ذلك فالاحتياط لا ينبغي أن يترك،