ظهور في الأدلة ببدلية هذا عنه بحيث يسقط عنه التكليف بالأول ولم يعاقب عليه، ولا تنافي بين وجوب هذا الفعل عليه مع عصيانه بترك الأول وبين بقاء وجوبه عليه وإن فعل الثاني.
ومنه يعلم حينئذ عدم سقوط الغسل الحقيقي عن سائر المكلفين مع التمكن، لأن فعله إن لم يسقط التكليف به عن نفسه فلا يسقطه عن غيره بالأولى، فإذا وجد المماثل وجب عليه. لا يقال: إن المسلم غير المماثل قبل وجود المماثل كان مأمورا بذلك، والأمر يقتضي الاجزاء، لأنا نقول: الاجزاء عن تكليف غير المماثل لا يقضي بالاجزاء عن تكليف غيره مع اختلافهما، وإلا لوجب القول بالاجتزاء بمجرد صدور الأمر من المسلم للكافر وإن لم يمتثله الكافر، لعدم تكليفه بغير ذلك، وهو باطل قطعا، نعم يتجه القول بعدم الإعادة لو فرض موضوع ما نحن فيه غير خارج عن القواعد ببعض ما أشرنا إليه سابقا من عدم احتياج هذا الغسل للنية مع عدم مباشرة الكافر للميت ونحو ذلك، لكنه بعيد، ظهور أخبار الباب وكلمات الأصحاب في أن ذلك من الأغسال الاضطرارية الصورية، وحيث ظهر لك مما قلناه وجه وجوب الإعادة اتجه ما ذكره بعضهم من أنه لو مسه أحد وجب عليه الغسل ولو مع عدم مجئ المماثل، لما عرفت من عدم حصول الطهارة بهذا الغسل وعدم بدليته عنها، بل هو أشبه شئ بالتكليف الجديد عند العصيان بالأول، ولعله مما ذكرنا يظهر لك الفرق بين خصوص هذا الاضطرار من الغسل وبين غيره، فتجب الإعادة مع ارتفاعه قبل الدفن في الأول دون غيره كما في الذكرى، ولعله الأقوى، لاقتضاء الأمر الاجزاء، فتأمل جيدا.
(و) يجب أن (يغسل الرجل محارمه) أي من حرم عليه نكاحها مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة بلا خلاف أجده في الجملة، بل هو إجماعي، والأخبار به مستفيضة إن لم تكن متواترة، لكن هل يشترط فيه أن يكون ذلك (من وراء الثياب)