وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال: قال رسول الله (ص): ما من عبد يصيب ذنبا الحديث... فكان يحلف المخبر لا لتهمة بالكذب، ولكن للاحتياط في سياق الحديث على وجهه والتحرز والتحرز من تغيير لفظه نقلا بالمعنى، ولئلا يقدم على الرواية بالظن بل عند السماع المحقق. ومنها: ما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه كان يرى أن الحائض لا يجوز لها أن تصدر حتى يكون آخر عهدها الطواف بالبيت، وأنكر على ابن عباس خلافه في ذلك، فقيل له: إن ابن عباس سأل فلانة الأنصارية: هل أمرها رسول الله (ص) بذلك فأخبرته، فرجع زيد بن ثابت يضحك ويقول لابن عباس: ما أراك إلا قد صدقت: ورجع إلى موافقته بخبر الأنصارية. ومنها: ما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب شرابا من فضيخ تمر، إذا أتانا آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها، فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت. ومنها: ما اشتهر من عمل أهل قباء في التحول عن القبلة بخبر الواحد، وأنهم أتاهم آت فأخبرهم بنسخ القبلة، فانحرفوا إلى الكعبة بخبره.
ومنها: ما ظهر من ابن عباس رضي الله عنه، وقد قيل أن فلانا رجلا من المسلمين يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس بموسى نبي إسرائيل عليه السلام، فقال ابن عباس: كذب عدو الله: أخبرني أبي بن كعب قال: خطبنا رسول الله (ص)، ثم ذكر موسى والخضر بشئ يدل على أن موسى صاحب الخضر هو موسى بني إسرائيل، فتجاوز ابن عباس العمل بخبر الواحد وبادر إلى التكذيب بأصله، والقطع بذلك لأجل خبر أبي بن كعب.
ومنها: أيضا ما روي عن أبي الدرداء أنه لما باع معاوية شيئا من آنية الذهب والورق بأكثر من وزنه، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله (ص) ينهى عن ذلك، فقال له معاوية: إني لا أرى بذلك بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية، أخبره عن رسول الله (ص) ويخبرني عن رأيه: لا أساكنك بأرض أبدا. ومنها: ما اشتهر عن جميعهم في أخبار لا تحصى الرجوع إلى عائشة وأم سلمة وميمونة وحفصة رضوان الله عليهن وإلى فاطمة بنت أسد، وفلانة وفلانة ممن لا يحصى كثرة، وإلى زيد وأسامة بن زيد وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم من الرجال والنساء والعبيد والموالي، وعلى ذلك جرت سنة التابعين بعدهم، حتى قال الشافعي رحمه الله وجدنا علي بن الحسين رضي الله عنه يعول على أخبار الآحاد، وكذلك محمد بن علي، وجبير بن مطعم، ونافع بن جبير وخارجة بن زيد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، وكذلك كان حال طاوس، وعطاء، ومجاهد، وكان سعيد بن المسيب يقول: أخبرني أبو سعيد الخدري عن النبي (ص) في الصرف، فيثبت حديثه سنة ويقول: حدثني أبو هريرة، وعروة ابن الزبير يقول: حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص) قضى أن الخراج بالضمان ويعترض بذلك على قضية عمر بن عبد العزيز فينقض عمر قضاءه لأجل ذلك، وكذلك ميسرة باليمن ومكحول بالشام، وعلى ذلك كان فقهاء البصرة كالحسن وابن سيرين وفقهاء الكوفة وتابعوهم، كعلقمة والأسود والشعبي ومسروق، وعليه جرى من