* (النحل: 301)، وقال: أقوى الأدلة قوله تعالى: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي) * (فصلت: 44) ولو كان فيه لغة العجم لما كان عربيا محضا بل عربيا وعجميا، ولاتخذ العرب ذلك حجة وقالوا: نحن لا نعجز عن العربية، أما العجمية فنعجز عنها، وهذا غير مرضي عندنا إذ اشتمال جميع القرآن على كلمتين أو ثلاث أصلها عجمي، وقد استعملتها العرب، ووقعت في ألسنتهم لا يخرج القرآن عن كونه عربيا، وعن إطلاق هذا الاسم عليه، ولا يتمهد للعرب حجة فإن الشعر الفارسي يسمى فارسيا، وإن كانت فيه آحاد كلمات عربية إذا كانت تلك الكلمات متداولة في لسان الفرس فلا حاجة إلى هذا التكلف . - مسألة (المحكم والمتشابه في القرآن) في القرآن محكم ومتشابه، كما قال تعالى: * (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) * (آل عمران: 07) واختلفوا في معناه، وإذا لم يرد توقيف في بيانه فينبغي أن يفسر بما يعرفه أهل اللغة، ويناسب اللفظ من حيث الوضع ولا يناسبه قولهم:
المتشابه هي الحروف المقطعة في أوائل السور، والمحكم ما وراء ذلك، ولا قولهم المحكم ما يعرفه الراسخون في العلم والمتشابه ما ينفرد الله تعالى بعلمه، ولا قولهم المحكم الوعد والوعيد، والحلال والحرام والمتشابه القصص والأمثال، وهذا أبعد، بل الصحيح أن المحكم يرجع إلى معنيين: أحدهما: المكشوف المعنى الذي لا يتطرق إليه إشكال واحتمال والمتشابه ما تعارض فيه الاحتمال. الثاني: أن المحكم ما انتظم وترتب ترتيبا مفيدا ما على ما ظاهر أو على تأويل ما لم يكن فيه متناقض ومختلف، لكن هذا المحكم يقابله المثبج، والفاسد دون المتشابه، وأما المتشابه فيجوز أن يعبر به عن الأسماء المشتركة، كالقرء، وكقوله تعالى: * (الذي بيده عقدة النكاح) * (البقرة: 732) فإنه مردد بين الزوج والولي، و كاللمس المردد بين المس والوطئ، وقد يطلق على ما ورد في صفات الله مما يوهم ظاهره الجهة والتشبيه ويحتاج إلى تأويله، فإن قيل: قوله تعالى: * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * (آل عمران: 7) الواو للعطف أم الأولى الوقف على الله؟ قلنا: كل واحد محتمل، فإن كان المراد به وقت القيامة، فالوقف أولى، وإلا فالعطف، إذ الظاهر أن الله تعالى لا يخاطب العرب بما لا سبيل إلى معرفته لاحد من الخلق، فإن قيل: فما معنى الحروف في أوائل السور، إذ لا يعرف أحد معناها؟ قلنا: أكثر الناس فيها وأقربها أقاويل: أحدها: أنها أسامي السور حتى تعرف بها، فيقال: سورة يس وطه، وقيل: ذكرها الله تعالى لجمع دواعي العرب إلى الاستماع لأنها تخالف عادتهم فتوقظهم عن الغفلة حتى تصرف قلوبهم إلى الاصغاء فلم يذكرها لإرادة معنى، وقيل: إنما ذكرها كناية عن سائر حروف المعجم التي لا يخرج عنها جميع كلام العرب تنبيها أنه ليس يخاطبهم إلا بلغتهم وحروفهم، وقد ينبه ببعض الشئ على كله، يقال قرأ سورة البقرة وأنشد " ألا هبي " يعني جميع السورة والقصيدة قال الشاعر:
يناشدني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم كنى بحاميم عن القرآن، فقد ثبت أنه ليس في القرآن ما لا تفهمه العرب، فإن قيل