لوقوعه في حال الحيض، ولوقوعها في الدار المغصوبة، أمكن تقدير مثله في الصلاة في حال الحيض، فلا اعتماد إلا على فوات الشرط، ويعرف الشرط بدليل يدل عليه وعلى ارتباط الصحة به، ولا يعرف بمجرد النهي، فإنه لا يدل عليه وضعا وشرعا كما سبق في المسألة التي قبلها، وهذا القدر كاف في صيغة الأمر والنهي فإن ما يتعلق منه بحقيقة الوجوب والتحريم ويضادهما ويوافقهما فقد ميزناه عما يتعلق بمقتضى الصيغة وقررناه في القطب الأول عند البحث عن حقيقة الحكم، فإن ذلك نظر عقلي وهذا نظر لغوي من حيث دلالة الألفاظ فلذلك ميزناه على خلاف عادة الأصوليين.
القسم الرابع من النظر في الصيغة القول في العام والخاص ويشتمل على مقدمة وخمسة أبواب:
المقدمة القول في حد العام والخاص ومعناهما أعلم أن العموم والخصوص من عوارض الألفاظ لامن عوارض المعاني والافعال.
والعام عبارة عن اللفظ الواحد الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا مثل الرجال والمشركين ومن دخل الدار فأعطه درهما، ونظائره كما سيأتي تفصيل صيغ العموم، واحترزنا بقولنا: من جهة واحدة، عن قولهم: ضرب زيد عمرا، وعن قولهم: ضرب زيدا عمرو، فإنه يدل على شيئين، ولكن بلفظين لا بلفظ واحد، ومن جهتين لا من جهة واحدة، وأعلم أن اللفظ إما خاص في ذاته مطلقا كقولك: زيد وهذا الرجل، وإما عام مطلقا كالمذكور والمعلوم، إذ لا يخرج منه موجود ولا معدوم، وإما عام بالإضافة كلفظ المؤمنين، فإنه عام بالإضافة إلى آحاد المؤمنين خاص بالإضافة إلى جملتهم، إذ يتناولهم دون المشركين فكأنه يسمى عاما من حيث شموله لما شمله خاصا من حيث اقتصاره على ما شمله وقصوره عما لم يشمله، ومن هذا الوجه يمكن أن يقال: ليس في الألفاظ عام مطلق، لان لفظ المعلوم لا يتناول المجهول، والمذكور لا يتناول المسكوت عنه، فإن قيل: فلم قلتم، إن العموم من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني والافعال، والعطاء فعل، وقد يعطي عمرا وزيدا وتقول عممهما بالعطاء، والوجود معنى، وهو يعم الجواهر والاعراض، قلنا: عطاء زيد متميز عن عطاء عمرو من حيث أنه فعل، فليس في الوجود فعل واحد هو عطاء، وتكون نسبته إلى زيد وعمرو واحدة، وكذلك وجود السواد يفارق وجود البياض، وليس الوجود معنى واحدا حاصلا مشركا بينهما وإن كانت حقيقته واحدة في العقل وعلوم الناس وقدرهم وإن كانت مشتركة في كونها علما وقدرة لا يوصف بأنه عموم، فقولنا: الرجل له وجود في الأعيان وفي الأذهان وفي اللسان، أما وجوده في اللسان فلقط الرجل قد وضع للدلالة ونسبته في الدلالة إلى زيد وعمرو واحدة يسمى عاما باعتبار نسبة الدلالة إلى المدلولات الكثيرة، وأما ما في الأذهان من معنى الرجل فيسمى كليا من حيث أن العقل يأخذ من مشاهدة زيد حقيقة الانسان وحقيقة الرجل، فإذا رأى عمرا لم يأخذ منه صورة أخرى، وكان ما أخذه من قبل نسبته إلى عمرو والذي حدث الآن كنسبته إلى زيد الذي عهده أولا، فهذا معنى كليته، فإن سمي