أحق بنفسها من وليها لأنا نحمل ذلك على أنها أحق بنفسها في الاذن لا في العقد، واللفظ يعم الاذن والعقد، وهم يحملون خبرنا على الصغير أو الأمة أو النكاح من غير كف ء، ولا خلاف واقع في الكبيرة، وهم صرفوا خبرنا عن محل الخلاف ونحن استعملنا الخبرين في الكبيرة، فتأويلنا أقرب، فإنه لا ينبو عنه اللفظ، بل كان اللفظ محتملا لهما، أما تنزيل خبرنا على الصغيرة والأمة فبعيد. الثاني: أن يكون أحد الخبرين يوجب غضا من منصب الصحابة، فيكون أضعف، كما رووا من أمر النبي (ص) الصحابة بإعادة الوضوء عند القهقهة، فخبرنا وهو قوله: كان يأمرنا إذا كنا مسافرين أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة لا من بول أو غائط أو نوم وليس فيه القهقهة، فهو أولى من خبرهم. الثالث: أن يكون أحد الخبرين متنازعا في خصوصه والآخر متفق على تطرق الخصوص إليه، فقد قال قوم أنه يسقط الاحتجاج، به فإن لم يصح ذلك فيدل على ضعفه لا محالة. الرابع: أن يكون أحد الخبرين قد قصد به بيان الحكم المتنازع فيه دون الآخر، كقوله: أيما إهاب دبغ فقد طهر لم يفرق فيه بين ما يؤكل وبين ما لا يؤكل فدلالة عمومه على جلد ما لا يؤكل، أقوى من دلالة نهيه عن افتراش جلود السباع، لأنه ما سيق لبيان النجاسة والطهارة، بل ربما نهى عن الافتراش للخيلاء أو لخاصية لا نعقلها. الخامس: يتضمن أحد الخبرين إثبات ما ظهر تأثيره في الحكم دون الآخر حتى تقدم رواية عائشة وابن عمر وابن عباس أن بريرة أعتقت تحت عبد على ما روي أنها أعتقت تحت حر، لان ضرر الرق في الخيار قد ظهر أثره ولا يجري ذلك في الحر.
القول فيما يظن أنه ترجيح وليس بترجيح وله أمثلة ستة:
الأول: أن يعمل أحد الراويين بالخبر دون الآخر، أو يعمل بعض الأمة أو بعض الأئمة بموجب أحد الخبرين، فلا يرجح به، إذ لا يجب تقليدهم فالمعمول به وغير المعمول به واحد. الثاني: أن يكون أحدهما غريبا لا يشبه الأصول كحديث القهقهة، وغرة الجنين، وضرب الدية على العاقلة، وخبر نبيذ التمر، ودفع القيمة في إحدى عيني الفرس، فهذه الأحاديث لو صحت لا تؤخر عن معارضها الموافق للأصول، لان للشارع أن يتعبد بالغريب والمألوف، نعم: لو ثبت التقاوم بين الخبرين تساقطا ورجعنا إلى القياس، وذلك ليس من الترجيح في شئ. الثالث: الخبر الذي يدرأ الحد لا يقدم على الموجب، وإن كان الحد يسقط بالشبهة، وقال قوم: الرافع أولى، وهو ضعيف، لان هذا لا يوجب تفاوتا في صدق الراوي فيما ينقله من لفظ الايجاب أو الاسقاط. الرابع: إذا روي خبران من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما مثبت والآخر ناف فلا يرجع أحدهما على الآخر، لاحتمال وقوعهما في حالين فلا يكون بينهما تعارض. وقد بينا في باب أفعال النبي عليه السلام محل امتناع التعارض بين الفعلين. الخامس: خبر يتضمن العتق، والآخر يتضمن نفيه، قال قوم من أهل العراق: المثبت للعتق أولى لغلبة العتق، ولأنه لا يقبل الفسخ وهذا ضعيف، لان هذا لا يوجب تفاوتا في صدق الراوي وثبوت نقله. السادس: الخبر الحاظر لا يرجح على المبيح