يجوز، فقد خالفتم الفقهاء، وإن منعتم فما، الفرق بين كلامه وبين كلام الشارع مع الاتفاق في الموضعين؟ وإن ثبت تعبد في لفظ العتق والطلاق بخصوص الجهة فلم يثبت في لفظ الوكالة. قلنا: أن كان قد قال له إن ما ظهر لك إرادتي إياه أو رضاي به بطرق الاستدلال دون صريح اللفظ فافعله، فله أن يفعل ذلك، وهو وزان حكم الشرع، لكن يشترط أمر آخر وهو أن يقطع بأنه أمر ببيعه لمجرد سوء الخلق لا لسوء الخلق مع القبح أو مع الخرق في الخدمة، فإنه قد يذكر بعض أوصاف العلة، فإن لم يعلم قطعا ولكن ظنه ظنا فينبغي أن يكون قد قال له ظنك نازل منزلة العلم في تسليطك على التصرف، فإن اجتمع هذه الشروط جاز التصرف وهو وزان مسألتنا، فإن قيل: وإن كان الشارع قد قال: ما عرفتموه بالقرائن والدلائل من رضاي وإرادتي فهو كما عرفتموه بالصريح فلم يقل إني إذا ذكرت علة شئ ذكرت تمام أوصافه، فلعله علل تحريم الخمر بشدة الخمر وتحريم الربا بطعم البر خاصة لا للشدة المجردة، ولله أسرار في الأعيان، فقد حرم الخنزير والميتة والدم والموقوذة والحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، لخواص، لا يطلع عليها، فلم يبعد أن يكون لشدة الخمر من الخاصية ما ليس لشدة النبيذ، فبماذا يقع الامر عن هذا، وهذا أوقع كلام في مدافعة القياس والجواب: أن خاصة المحل قد يعلم ضرورة سقوط اعتبارها، كقوله: أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أولى بمتاعه إذ يعلم أن المرأة في معناه، وقوله: من أعتق شركا له في عبد قوم عليه الباقي فالأمة في معناه، لأنا عرفنا بتصفح أحكام العتق والبيع وبمجموع إمارات وتكريرات وقرائن أنه لا مدخل للأنوثة في البيع والعتق، وقد يعلم ذلك ظنا بسكون النفس إليه، وقد عرفنا أن الصحابة رضي الله عنهم عولوا على الظن، فعلمنا أنهم فهموا من النبي عليه السلام قطعا إلحاق الظن بالقطع، ولولا سيرة الصحابة لما تجاسرنا عليه، وقد اختلفوا في مسائل ولو كانت قطيعة لما اختلفوا فيها، فعلمنا أن الظن كالعلم أما حيث انتفى الظن والعلم وحصل الشك فلا يقدم على القياس أصلا.
مسألة (العلة المنصوصة) قال النظام: العلة المنصوصة توجب الالحاق، لكن لا بطريق القياس، بل بطريق اللفظ والعموم، إذ لا فرق في اللغة بين قوله: حرمت كل مشتد، وبين قوله. حرمت الخمر لشدتها، وهذا فاسد، لان قوله حرمت الخمر لشدتها لا يقتضي من حيث اللفظ والوضع إلا تحريم الخمر خاصة، ولا يجوز إلحاق النبيذ ما لم يرد التعبد بالقياس، وإن لم يرد فهو كقوله: أعتقت غانما لسواده، فإنه لا يقتضي إعتاق جميع السودان، فكيف يصح هذا ولله أن ينصب شدة الخمر خاصة علة ويكون فائدة ذكر العلة زوال التحريم عند زوال الشدة ويجوز أن يعلم الله خاصية في شدة الخمر تدعو إلى ركوب القبائح ويعلم في شدة النبيذ لطفا داعيا إلى العبادات، فإذا قد ظن النظام أنه منكر للقياس، وقد زاد علينا إذ قاس حيث لا نقيس لكنه أنكر اسم القياس، فإن قيل: قول السيد والوالد لعبده ولده: لا تأكل هذا لأنه سم وكل هذا فإنه غذاء، يفهم منه المنع عن أكل سم آخر، والامر يتناول ما هو مثله في الاغتذاء، قلنا: لان ذلك معلوم بقرينة إطراد العادات، ومعرفة أخلاق الآباء والسادات في مقاصدهم من العبيد والأبناء، وأنهم لا يفرقون بين سم وسم، وإنما يتقون الهلاك، وأما الله تعالى إذا حرم شيئا بمجرد