- مسألة (هل البسملة آية أم لا؟) البسملة آية من القرآن، لكن هل هي آية من أول كل سورة: فيه خلاف، وميل الشافعي رحمه الله إلى أنها آية من كل سورة الحمد، وسائر السور، لكنها في أول كل سورة آية برأسها، وهي مع أول آية من سائر السور آية، وهذا مما نقل عن الشافعي رحمه الله فيه تردد، وهذا أصح من قول من حمل تردد قول الشافعي على أنها هل هي من القرآن في أول كل سورة، بل الذي يصح أنها حيث كتبت مع القرآن بخط القرآن فهي من القرآن، فإن قيل القرآن لا يثبت إلا بطريق قاطع متواتر، فإن كان هذا قاطعا فكيف اختلفوا فيه، وإن كان مظنونا فكيف يثبت القرآن بالظن، ولو جاز هذا لجاز إيجاب التتابع في صوم كفارة اليمين بقول ابن مسعود، ولجاز للروافض أن يقولوا: قد ثبتت إمامة علي رضي الله عنه بنص القرآن ونزلت فيه آيات أخفاها الصحابة بالتعصب، وإنما طريقنا في الرد عليهم أنا نقول: نزل القرآن معجزة للرسول عليه السلام، وأمر الرسول عليه السلام بإظهاره مع قوم تقوم الحجة بقولهم وهم أهل التواتر، فلا يظن بهم التطابق على الاخفاء، ولا مناجاة الآحاد به حتى لا يتحدث أحد بالانكار، فكانوا يبالغون في حفظ القرآن، حتى كانوا يضايقون في الحروف، ويمنعون من كتبة أسامي السور مع القرآن، ومن التعاشير والنقط، كيلا يختلط بالقرآن غيره، فالعادة تحيل الاخفاء فيجب أن يكون طريق ثبوت القرآن القطع، وعن هذا المعنى قطع القاضي رحمه الله بخطأ من جعل البسملة من القرآن إلا في سورة النمل فقال: لو كانت من القرآن لوجب على الرسول عليه السلام أن يبين أنها من القرآن بيانا قاطعا للشك والاحتمال، إلا أنه قال: أخطئ القائل به ولا أكفره، لان نفيها من القرآن لم يثبت أيضا بنص صريح متواتر، فصاحبه مخطئ وليس بكافر، واعترف بأن البسملة منزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أول كل سورة، وأنها كتبت مع القرآن بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله (ص) لا يعرف ختم سورة وابتداء أخرى حتى ينزل عليه جبريل ببسم الله الرحمن الرحيم، لكنه لا يستحيل أن ينزل عليه ما ليس بقرآن، وأنكر قول من نسب عثمان رضي الله عنه إلى البدعة في كتبه بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة، وقال لو أبدع لاستحال في العادة سكوت أهل الدين عنه مع تصلبهم في الدين، كيف وقد أنكروا على من أثبت أسامي السور والنقط والتعشير فما بالهم لم يجيبوا بأنا أبدعنا ذلك، كما أبدع عثمان رضي الله عنه كتبه البسملة لا سيما واسم السور يكتب بخط آخر متميز عن القرآن، والبسملة مكتوبة بخط القرآن متصلة به بحيث لا تتميز عنه، فتحيل العادة السكوت على من يبدعها، لولا أنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والجواب أنا نقول: لا وجه لقطع القاضي بتخطئة الشافعي رحمه الله، لان إلحاق ما ليس بقرآن بالقرآن كفر، كما أنه من ألحق القنوت أو التشهد أو التعوذ بالقرآن فقد كفر، فمن ألحق البسملة لم لا يكفر ولا سبب له إلا أنه يقال لم يثبت انتفاؤه من القرآن بنص متواتر، فنقول: لو لم يكن من القرآن لوجب على الرسول الله صلى الله عليه وسلم التصريح بأنه ليس من القرآن وإشاعة ذلك على وجه يقطع الشك، كما في التعوذ والتشهد، فإن قيل: ما ليس من القرآن لا حصر له، حتى ينفي إنما الذي يجب التنصيص عليه ما هو
(٨٢)