الزاني، حتى يدخل في عموم قوله تعالى: * ((24) الزانية والزاني) * (النور: 2) وسمي السارق سارقا، لأنه أخذ مال الغير في خفية، وهذه العلة موجودة في النباش، فيثبت له اسم السارق قياسا، حتى يدخل تحت عموم قوله تعالى: * (والسارق والسارقة) * (المائدة: 83) وهذا غير مرضي عندنا، لان العرب إن عرفتنا بتوقيفها أنا وضعنا الاسم للمسكر: المعتصر من العنب خاصة، فوضعه لغيره، تقول عليهم واختراع، فلا يكون لغتهم، بل يكون وضعا من جهتنا، وإن عرفتنا أنها وضعته لكل ما يخامر العقل أو يخمره فكيفما كان قاسم الخمر ثابت للنبيذ بتوقيفهم لا بقياسنا، كما أنهم عرفونا أن كل مصدر فله فاعل، فإذا سمينا فاعل الضرب ضاربا كان ذلك عن توقيف لا عن قياس، وإن سكتوا عن الامرين احتمل أن يكون الخمر اسم ما يعتصر من العنب خاصة واحتمل غيره، فلم نتحكم عليهم ونقول: لغتهم هذا، وقد رأيناهم يضعون الاسم لمعاني ويخصصونها بالمحل، كما يسمون الفرس أدهم لسواده كميتا لحمرته، والثوب المتلون بذلك اللون، بل الآدمي المتلون بالسواد لا يسمونه بذلك الاسم، لانهم ما وضعوا الأدهم والكميت للأسود والأحمر، بل لفرس أسود وأحمر، وكما سموا الزجاج الذي تقر فيه المائعات قارورة أخذا من القرار، ولا يسمون الكوز والحوض قارورة وإن قر الماء فيه، فإذا: كل ما ليس على قياس التصريف الذي عرف منهم بالتوقيف فلا سبيل إلى إثباته ووضعه بالقياس، وقد أطنبنا في شرح هذه المسألة في كتاب أساس القياس فثبت بهذا أن اللغة وضع كلها وتوقيف ليس فيها قياس أصلا.
الفصل الثالث في الأسماء العرفية اعلم أن الأسماء اللغوية تنقسم إلى وضعية وعرفية، والاسم يسمى عرفيا باعتبارين: أحدهما: أن يوضع الاسم لمعنى عام، ثم يخصص عرف الاستعمال من أهل اللغة، ذلك الاسم ببعض مسمياته، كاختصاص اسم الدابة بذوات الأربع، مع أن الوضع لكل ما يدب، واختصاص اسم المتكلم بالعالم بعلم الكلام، مع أن كل قائل ومتلفظ متكلم، وكاختصاص اسم الفقيه والمتعلم وببعض العلماء وبعض المتعلمين، مع أن الوضع عام، قال الله تعالى: * (وعلم آدم الأسماء كلها) * (البقرة: 13)، وقال تعالى: * (خلق الانسان ئ علمه البيان) * (الرحمن: 3 - 4) وقال عز وجل: * (فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) * (النساء: 87). الاعتبار الثاني: أن يصير الاسم شائعا في غير ما وضع له أولا، بل فيما هو مجاز فيه، كالغائط المطمئن من الأرض، والعذرة البناء الذي يستتر به، وتقضى الحاجة من ورائه، فصار أصل الوضع منسيا، والمجاز معروفا سابقا إلى الفهم بعرف الاستعمال، وذلك بالوضع الأول، فالأسامي اللغوية، إما وضعية، وإما عرفية، أما ما انفرد المحترفون وأرباب الصناعات بوضعه لأدواتهم، فلا يجوز أن يسمى عرفيا، لان مبادئ اللغات والوضع الأصلي كلها كانت كذلك، فيلزم أن يكون جميع الأسامي اللغوية عرفية.
الفصل الرابع في الأسماء الشرعية قالت المعتزلة والخوارج وطائفة من الفقهاء:
الأسماء لغوية، ودينية، وشرعية، أما اللغوية فظاهرة، وأما الدينية فما نقلته الشريعة إلى أصل الدين، كلفظ الايمان والكفر والفسق، وأما الشرعية فكالصلاة والصوم والحج والزكاة، واستدل القاضي على إفساد مذهبهم بمسلكين: الأول: أن هذه الألفاظ يشتمل عليها القرآن،