بها وبإتمامها وبآدابها سنن كثيرة، أو نقول: هي للإباحة بدليل حكمهم بالإباحة في قوله:
* (فاصطادوا) * (المائدة: 2) وقوله: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) * (الجمعة : 01) وإن كان ذلك للقرائن، فكذلك الوجوب، فإن قيل: وما تلك القرائن قلنا: أما في الصلاة فمثل قوله تعالى: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * (النساء: 301) وما ورد من التهديدات في ترك الصلاة، وما ورد من تكليف الصلاة في حال شدة الخوف والمرض إلى غير ذلك، وأما الزكاة فقد اقترن بقوله تعالى: * (وآتوا الزكاة) * (البقرة: 34) وغيرها] وقوله تعالى: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) * (التوبة: 43) إلى قوله: * (فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم) * (التوبة: 53) وأما الصوم فقوله: * (كتب عليكم الصيام) * (البقرة: 381) وقوله: * (فعده من أيام أخر) [البقرة: 184، 185] وإيجاب تداركه على الحائض، وكذلك الزنا والقتل ورد فيهما تهديدات ودلالات تواردت على طول مدة النبوة لا تحصى، فلذلك قطعوا به، لا بمجرد الامر الذي منتهاه أن يكون ظاهرا فيتطرق إليه الاحتمال . - مسألة (هل بعد انتهاء الخطر فيه إباحة؟) فإن قال قائل: قوله: افعل بعد الحظر ما موجبه، وهل لتقدم الحظر تأثير؟
قلنا: قال قوم: لا تأثير لتقدم الحظر أصلا، وقال قوم هي قرينة تصرفها إلى الإباحة، والمختار أنه ينتظر، فإن كان الحظر السابق عارضا لعلة، وعلقت صيغة افعل بزواله، كقوله تعالى: * (وإذا حللتم فاصطادوا) * (المائدة: 2) فعرف الاستعمال يدل على أنه لرفع الذم فقط حتى يرجع حكمه إلى ما قبله، وإن احتمل أن يكون رفع هذا الحظر بندب وإباحة لكن الأغلب ما ذكرناه، كقوله: * (فانتشروا) * (الجمعة: 01) وكقوله عليه السلام: كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فادخروا أما إذا لم يكن الحظر عارضا لعلة ولا صيغة افعل علق بزوالها، فيبقى موجب الصيغة على أصل التردد بين الندب والإباحة، ونزيح هاهنا احتمال الإباحة، ويكون هذا قرينة تزيح هذا الاحتمال، وإن لم تعينه، إذ لا يمكن دعوى عرف الاستعمال في هذه الصيغة حتى يغلب العرف الوضع، أما إذا لم ترد صيغة افعل، لكن قال: * (فإذا حللتم) * (المائدة: 2) فأنتم مأمورون بالاصطياد، فهذا يحتمل الوجوب والندب ولا يحتمل الإباحة لأنه عرف في هذه الصورة، وقوله: أمرتكم بكذا، يضاهي قوله: افعل في جميع المواضع إلا في هذه الصورة وما يقرب منها.
النظر الثالث: في موجب الامر ومقتضاه في موجب الامر ومقتضاه بالإضافة إلى الفور والتراخي والتكرار وغيره، ولا يتعلق هذا النظر بصيغة مخصوصة، بل يجري في قوله، افعل، كان للندب أو للوجوب، وفي قوله: أمرتكم وأنتم مأمورون، وفي كل دليل يدل على الامر بالشئ، إشارة كانت أو لفظا أو قرينة أخرى، لكنا نتكلم في مقتضى قوله: افعل ليقاس عليه غيره، ونرسم فيه مسائل:
- مسألة (أحكام الامر) قوله: صم، كما أنه في نفسه يتردد بين الوجوب والندب، فهو بالإضافة إلى الزمان يتردد بين الفور والتراخي، وبالإضافة إلى المقدار يتردد بين المرة الواحدة و استغراق