واحد، ولا يمكن أن يحال على الخؤولة دون العمومة أو بعكسه، ولا يمكن أن يقال: هما تحريمان وحكمان، بل التحريم له حد واحد وحقيقة واحدة، ويستحيل اجتماع مثلين، نعم لو فرض رضاع ونسب فيجوز أن يرجح: النسب لقوته، أو اجتمع ردة وعدة وحيض فيحرم الوطئ، فيجوز أن يتوهم تعديد التحريمات ولو قتل وارتد فيجوز أن يقال المستحق قتلان ولو قتل شخصين فكذلك، ولو باع حرا بشرط خيار مجهول ربما قيل: علة البطلان الحرية دون الخيار، فهذه أوهام ربما تنقدح في بعض المواضع، وإنما فرضناه في اللمس والمس والخؤولة والعمومة لدفع هذه الخيالات، فدل هذا على إمكان نصب علامتين على حكم واحد وعلى وقوعه أيضا، فإن قيل: فإذا قاس المعلل على أصل بعلة فذكر المعترض علة أخرى في الأصل بطل قياس المعلل، وإن أمكن الجمع بين علتين فلم يقبل هذا الاعتراض فنقول: إنما يبطل به استشهاده بالأصل إن كانت علته ثابتة بطريق المناسبة المجردة دون التأثير، أو بطريق العلامة الشبيهة أما إن كان بطريق التأثير، أعني ما دل النص أو الاجماع على كونه علة، فاقتران علة أخرى بها لا يفسدها، كالبول والمس والخؤولة والعمومة في الرضاع، إذ دل الشرع على أن كل واحد من المعنيين علة على حيالها، أما إذا كان إثباته بشهادة الحكم والمناسبة انقطع الظن بظهور علة أخرى. مثاله: إن من أعطى إنسانا فوجدناه فقيرا ظننا أنه أعطاه لفقره وعللناه به، وإن وجدناه قريبا عللنا بالقرابة، فإن ظهر لنا الفقر بعد القرابة أمكن أن يكون الاعطاء للفقر لا للقرابة، أو يكون لاجتماع الامرين، فيزول ذلك الظن، لان تمام ذلك الظن بالسبر، وهو أنه لا بد من باعث على العطاء، ولا باعث إلا الفقر، فإذا هو الباعث أو لا باعث إلا القرابة فإذا هو الباعث، فإذا ظهرت علة أخرى بطلت إحدى مقدمتي السبر، وهو أنه لا باعث إلا كذا، وكذلك عتقت بريرة تحت عبد، فخيرها النبي عليه السلام فيقول أبو حنيفة خيرها لملكها نفسها ولزوال قهر الرق عنها، فإنها كانت مقهورة في النكاح، وهذا مناسب، فيبني عليه تخييرها، وإن عتقت تحت حر فقلنا: العلة خيرها لتضررها بالمقام تحت عبد، ولا يجري ذلك في الحر فكيف يلحق به، وإمكان هذا يقدح في الظن الأول، فإنه لا دليل له عليه إلا المناسبة، ودفع الضرر أيضا مناسب، وليست الحوالة على ذلك أولى من هذا، إلا أن يظهر ترجيح لاحد المعنيين، وأما مثال العلامة الشبهية فعلة الربا فإنه لم يذهب أحد إلى الجمع بين القوت والطعم والكيل، على أن كل واحد علة، لأنه لم يقم دليل من جهة النص والاجماع، بل طريقة إظهار الضرورة في طلب علامة ضابطة مميزة مجرى الحكم عن موقعه إذ جرى الربا في الخبز والعجين مع زوال اسم البر، فلا يتم النظر إلا بقولنا، ولا بد من علامة، ولا علامة أولى من الطعم، فإذا هو العلامة، فإذا ظهرت علامة أخرى مساوية بطلت المقدمة الثانية من النظر، فانقطع الظن، والحاصل أن كل تعليل يفتقر إلى السبر فمن ضرورته اتحاد العلة، وإلا انقطع شهادة الحكم للعلة، وما لا يفتقر إلى السبر كالمؤثر فوجود علة أخرى لا يضر، وقد ذكرنا هذا في خواص هذه الأقيسة.
- مسألة (اشتراط العكس في العلة) اختلفوا في اشتراط العكس في العلل الشرعية، وهذا الخلاف لا معنى له، بل لا بد من تفصيل، وقبل التفصيل فاعلم أن العلامات الشرعية دلالات، فإذا جاز اجتماع