الصلاة أو إيجابا بغيرها؟ قلنا: لهذا تخيل قوم أن نسخ شرط العبادة كنسخ البعض، ولا شك أنه لو أوجب الصلاة مع الحدث لكان نسخا لايجابها مع الطهارة، وكانت هذه عبادة أخرى:
أما إذا جوزت الصلاة كيف كانت مع الطهارة وغير الطهارة، فقد كانت الصلاة بغير طهارة غير مجزئة لبقائها على الحكم الأصلي، إذ لم يؤمر بها، فالآن جعلت مجزئة، وارتفع الحكم الأصلي، أما صحة الصلاة وأنها كانت متعلقة بالطهارة فنسخ هذا التعلق نسخ لأصل العبادة ، أو نسخ لتعلق الصحة، ولمعنى الشرطية هذا فيه نظر، والخطب فيه يسير، فليس يتعلق به كبر فائدة، وأما إذا نسخت سنة من سننها لا يتعلق بها الاجزاء، كالوقوف على يمين الامام، أو ستر الرأس، فلا شك أن هذا لا يتعرض للعبادة بالنسخ، فإذا تبعيض مقدار العبادة نسخ لأصل العبادة، وتبعيض السنة لا يتعرض للعبادة، وتبعيض الشرط فيه نظر، وإذا حقق كان إلحاقه بتبعيض قدر العبادة أولى.
- مسألة (هل الزيادة على النص نسخ أم لا؟) الزيادة على النص نسخ عند قوم، وليست بنسخ عند قوم، والمختار عندنا التفصيل فنقول: ينظر إلى تعلق الزيادة بالمزيد عليه، والمراتب فيه ثلاثة: الأولى: أن يعلم أنه لا يتعلق به، كما إذا أوجب الصلاة والصوم، ثم أوجب الزكاة والحج، لم يتغير حكم المزيد عليه، إذ بقي وجوبه وأجزاؤه، والنسخ هو رفع حكم وتبديل ولم يرتفع. الرتبة الثانية: وهي في أقصى البعد عن الأولى أن تتصل الزيادة بالمزيد عليه اتصال اتحاد يرفع التعدد والانفصال، كما لو زيد في الصبح ركعتان، فهذا نسخ إذ كان حكم الركعتين الاجزاء والصحة وقد ارتفع، نعم: الأربعة استؤنف إيجابها ولم تكن واجبة، وهذا ليس بنسخ، إذ المرفوع هو الحكم الأصلي دون الشرعي، فإن قيل: اشتملت الأربعة على الثنتين وزيادة فهما قارتان لم ترفعا وضمت إليهما ركعتان؟ قلنا: النسخ رفع الحكم لا رفع المحكوم فيه، فقد كان من حكم الركعتين الاجزاء والصحة، وقد ارتفع، كيف وقد بينا أنه ليست الأربعة ثلاثة وزيادة، بل هي نوع آخر، إذ لو كان لكانت الخمسة أربعة وزيادة، فإذا أتى بالخمسة فينبغي أن تجزئ ولا صائر إليه. الرتبة الثالثة: وهي بين المرتبتين زيادة عشرين جلدة على ثمانين جلدة في القذف، وليس انفصال هذه الزيادة كانفصال الصوم عن الصلاة ولا اتصالها كاتصال الركعات، وقد قال أبو حنيفة رحمه الله: هو نسخ، وليس بصحيح، بل هو بالمنفصل أشبه، لان الثمانين نفي وجوبها وأجزاؤها عن نفسها ووجبت زيادة عليها مع بقائها، فالمائة ثمانون وزيادة، ولذلك لا ينتفي الاجزاء عن الثمانين بزيادة عليها، بخلاف الصلاة، وفائدة هذه المسألة جواز إثبات التغريب بخبر الواحد عندنا ومنعه عندهم، لان القرآن لا ينسخ بخبر الواحد، فإن قيل: قد كانت الثمانون حدا كاملا، فنسخ اسم الكمال رفع لحكمه لا محالة؟
قلنا: هو رفع، ولكن ليس ذلك حكما مقصودا شرعيا، بل المقصود وجوده وأجزاؤه وقد بقي كما كان فلو أثبت مثبت كونه حكما مقصودا شرعيا لامتنع نسخه بخبر الواحد بل هو كما لو أوجب الشرع الصلاة فقط فمن أتى بها فقد أدى كلية ما أوجبه الله تعالى عليه بكماله، فإذا أوجب الصوم خرجت الصلاة عن كونها كلية الواجب، لكن ليس هذا حكما مقصودا، فإن قيل: هو نسخ لوجوب الاقتصار على الثمانين لان إيجاب الثمانين مانع من الزيادة، قلنا ليس