منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٨٤
ففيه: أنه لا وجه لحصر المعلوم في الفرد المعين والطبيعي، إذ لازم ذلك إنكار منجزية العلم الاجمالي وعدم وجوب الموافقة القطعية، لفرض عدم كون المعلوم بالاجمال وجها للفرد. ومن المعلوم أن العلم بالجامع لا يتعدى عن متعلقه إلى صورة أخرى في أفق النفس، و المفروض أن العلم الاجمالي لا يختلف عن العلم التفصيلي في حد العلمية كما صرح به، ومع فرض الجهل بالخصوصيتين يكون تنجيز العلم الاجمالي منوطا بكفاية وصول الخصوصية بواسطة وصول العنوان المعلوم إجمالا القابل للانطباق على كل واحد من الفردين.
وعليه فلا وجه للاشكال على استصحاب الفرد المردد بمنع ركن اليقين بالحدوث بالبيان المتقدم عن المحقق الأصفهاني (قده).
الثالث: أن الشك في الاستصحاب لا بد من رجوعه إلى الشك في بقاء الحادث، لا في كون الباقي هو الحادث، بأن لا يرجع الشك إلى الشك في حدوث الفرد الباقي، فإذا علم إجمالا بوجوب إحدى الصلاتين الظهر والجمعة وأتى بالجمعة وأراد إجراء الاستصحاب، فان الشك فيه يرجع إلى الشك في حدوث الفرد الباقي لا في بقاء الفرد الحادث، إذ المفروض القطع بارتفاع الوجوب على تقدير تعلقه بالجمعة، فالشك إنما يتعلق بحدوث الفرد الاخر. وقد عرفت أنه يعتبر في الاستصحاب أن يكون الشك في بقاء الحادث لا في حدوث الباقي، فان جرى الاستصحاب في الفرد المردد على ما هو عليه من الترديد اقتضى ذلك الحكم ببقاء الحادث على كل تقدير سواء أكان هو الفرد الباقي أم المرتفع. وهذا ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير كونه هو الفرد المأتي به، فلا وجه لاستصحاب الفرد المردد بما هو مردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد.
نعم أركان الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء بالنسبة إلى الكلي الجامع بين الفردين موجودة، ففي مثل الحدث المردد بين الأكبر والأصغر لا مانع من إجراء الاستصحاب في كلي الحدث بعد الاتيان بالوضوء مثلا وترتيب