منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٦٢
الاستصحاب (بظهور سوق الرواية في كونه في مقام إدراج المورد تحت كبرى ارتكازية لا تعبدية) ينافي إنكار بناء العقلاء في الأمور الدينية، لان مورد سؤال زرارة وتطبيق الكبرى الكلية عليه هو الوضوء، فالالتزام بارتكازية الكبرى من جهة واختصاص بناء العقلاء بالأمور الدنيوية من جهة أخرى مستلزمان لتخصيص المورد الممتنع، فتأمل جيدا.
ولذا فقد يلوح التنافي بين كلمات المصنف من إنكار سيرة العقلاء هنا ومن الاعتراف بكون الكبرى ارتكازية في مضمرة زرارة، وقد يوجه بما سيأتي عند التعرض لمفاد المضمرة إن شاء الله تعالى.
وأما الجهة الثانية - وهي إمضاء بناء العقلاء - فمحصلها: أن المصنف (قده) فصل بين المقام والسيرة على العمل بخبر الثقة بوجهين، أحدهما: الاعتراف برادعية عمومات النهي عن متابعة غير العلم لبنائهم على الاستصحاب وعدم رادعيتها لعملهم بخبر الثقة.
وثانيهما: أن اللازم في اعتبار السيرة هنا هو الامضاء الذي لا بد من إحرازه، وحيث لا سبيل إليه كفى في الردع عموم النهي عن العمل بغير العلم، وهذا بخلاف الخبر، لتصريحه بكفاية عدم ثبوت الردع في إمضاء السيرة، هذا.
وأورد على كلا وجهي الفرق:
أما على الأول فيما أفاده المحقق النائيني (قده) من منافاة دعوى صلاحية الآيات هنا للردع عن السيرة لما أفاده في بحث حجية الخبر، من خروج جميع موارد السير العقلائية عن العمل بما وراء العلم بالتخصص (مع أن بناء العقلاء على الاخذ بالحالة السابقة لو لم يكن أقوى من بنائهم على العمل بخبر الواحد فلا أقل من التساوي، فكيف كانت الآيات رادعة عن بناء العقلاء في المقام ولم تكن رادعة عنه في ذلك المقام؟).