منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٢
ولا حاجة إلى البحث عن حجيته، لان المفهوم كالمنطوق مما يعمه دليل اعتبار ظواهر الألفاظ، فمعنى قولنا: (الاستصحابحجة) ثبوت إلزام الشارع بالبقاء أو حكمه به، ومعنى عدم حجيته عدم ثبوت هذا الجعل.
والظاهر صحة إطلاق الحجة على الاستصحاب وتوصيفه بها بإرادة المنجز والمعذر منها كما هو حال غيره من الأصول العملية كقولنا:
(البراءة حجة والاحتياط حجة) فان حمل الحجة عليهما بمعنى الوسطية في مقام الاثبات وإيصال الواقع عنوانا كما في خبر الثقة وان لم يكن صحيحا لفقدهما جهة الكشف وإراءة الواقع، الا أن المناط في أحدهما هو التسهيل بالترخيص في مخالفة الواقع أحيانا كما في البراءة، وفي الاخر هو التضييق على المكلف وجعل الواقع المجهول على عهدته رعاية لأهمية ملاكه كما في إيجاب الاحتياط شرعا في الموارد الثلاثة، فإنه حجة قاطعة لعذره الجهلي، ولذا يصح الاحتجاج به من قبل المولى، كما يصح الاحتجاج من العبد على المولى بإبداء العذر في مخالفة الالزام الواقعي في غير موارد إيجاب الاحتياط اتكالا على مثل حديث الرفع كما في الشبهة البدوية.
فكما يصح حمل الحجة على البراءة والاحتياط بالحمل الشائع فكذلك يصح حملها على الاستصحاب، لعدم خروج مفاده عما يقتضيه الأصلان المتقدمان فان نتيجة استصحاب الحكم أو الموضوع ذي الحكم إما نفي التكليف ظاهرا وإما إثباته كذلك، فيكون الاستصحاب وهو الابقاء العملي حجة أي معذرا أو منجزا عند الشارع.
وعلى هذا فما أفاده المحقق الأصفهاني (قده) في المقام من (عدم صحة توصيف الاستصحاب بالحجية مطلقا سواء أكان الحكم بالبقاء بمعنى إبقاء المكلف عملا أم بمعنى إلزام الشارع بالبقاء، أما على الأول فلعدم كون الابقاء العملي دليلا على شئ ولا حجة عليه. وأما على الثاني فلان الالزام الشرعي بالبقاء مدلول الدليل لا أنه دليل على نفسه، سواء أكانت الحجية بمعنى الوسطية في مقام الاثبات كما