منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٧١
عن استصحاب الكلي، حيث إن مورده هو تردد الكلي بهويته بين ما هو مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع كدوران الحيوان بين الفيل و البق. وأما إذا وجد فرد معين من الكلي وتردد بين مكانين، كما إذا دخل زيد الدار ولم يعلم أنه استقر في الطرف الشرقي منها الذي انهدم أو في الطرف الغربي منها الذي لم ينهدم فيشك في حياته لأجل عدم العلم بمكانه، فان هذا ليس من دوران الكلي بين فردين، بل من تردد مكان فرد معين بين مكانين، وهذا التردد يوجب الشك في بقائه لا تردده بين فردين، فهذا أشبه بالفرد المردد، وقد ثبت في محله عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد.
أقول: بل ليس هذا من الفرد المردد أيضا، إذ المراد به هو دوران وجود الكلي بين فردين من أفراده كدوران وجود الانسان بين زيد و عمرو، فالمقام نظير دوران فرد معين من الكلي كزيد بين حالين كالصحة والمرض، أو بين مكانين ككونه في الطرف الشرقي من الدار أو في الطرف الغربي منها.
وكيف كان فقد أورد عليه المحقق العراقي (قده) بما ملخصه: أنه لا مانع من استصحاب شخص النجاسة الواقعة على العباءة، ولا وجه لمنع جريانه مطلقا، فعدم جريان استصحاب الكلي - لعدم انطباق ضابطه عليه - وكذا عدم جريان استصحاب الفرد المردد في العباءة لا يمنع عن جريان استصحاب الشخص فيها، فان الترديد في مكان فرد أو حال من حالاته لا يقدح في استصحاب شخصه، فإذا شرب زيد مائعا مرددا بين الماء والسم أو لا نعلم أنه كان في الطرف الشرقي الذي انهدم فمات أو في الطرف الغربي الذي لم ينهدم فهو حي فلا مانع من استصحاب حياته هذا.
ثم أجاب المحقق النائيني (قده) في الدورة الأخيرة أيضا بوجه آخر، و هو هذا: (ولكن التحقيق عدم جريان استصحاب النجاسة في المثال أصلا، لعدم أثر شرعي مترتب عليها، إذ عدم جواز الدخول في الصلاة وأمثاله إنما يترتب