منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٨٧
وبالجملة: فالمقام من موارد قاعدة الاشتغال لا الاستصحاب، لعدم ترتب الأثر وهو لزوم تحصيل العلم على الواقع حتى نحتاج في إحرازه إلى الاستصحاب كما حقق ذلك مفصلا في محله.
لا يقال: إن الأثر وهو لزوم الامتثال عقلا من الآثار المترتبة على الأعم من الحدوث والبقاء، فلا مانع من جريان الاستصحاب في البقاء.
فإنه يقال: لا مجال للاستصحاب أيضا، لاستناد الشئ إلى أسبق علله، وحكم العقل بلزوم تحصيل العلم بالفراغ مستند إلى العلم الاجمالي بحدوث التكليف، ومن المعلوم تقدم الحدوث على البقاء.
ثم إنه قد يتوهم أن عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد إنما هو فيما إذا كان العنوان الاجمالي مقصودا بالأصالة وبنحو الموضوعية. وأما إذا كان مقصودا بالعرض وبنحو العنوان المشير إلى ما هو الموضوع للأثر الشرعي فلا مانع من التعبد ببقائه للوصول إلى التعبد ببقاء ما هو الموضوع للحكم.
لكنه فاسد، إذ فيه أولا: عدم صلاحية المردد المجهول للحكاية عن الفرد المعين والعلم به، لان التردد مساوق للجهل الذي يمتنع أن يكون موجبا للعلم.
وثانيا: عدم إمكان تعنون المحكي بالعنوان الحاكي عنه، مع أن تعنونه بذلك ضروري، مثلا عنوان (من في الصحن) لا يجعل مشيرا إلى أشخاص إلا إذا كانوا داخلين في الصحن، ولا يصح جعله مشيرا إلى الخارجين عنه وان كان المقصود ذواتهم دون هذا العنوان العرضي، ومن المعلوم امتناع تعنون المحكي بعنوان الفرد المردد بهذا العنوان، لان المحكي معين وهو مضاد للفرد المردد، فلا يصلح المردد للحكاية عن المعين الذي هو موضوع الأثر.
وثالثا: ما أفاده شيخنا المحقق العراقي (قده) من: أنه ان أخذ عنوانا لهذا الفرد كان مقطوع البقاء، وان أخذ عنوانا للفرد الاخر كان مقطوع الارتفاع، فلا شك في البقاء إلا بعنوان الفرد المردد الذي ليس هو موضوع الأثر بالفرض حتى