منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٨٦
الاستصحاب.
ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا من عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد - لعدم ترتب الأثر الشرعي عليه - وجه جريان استصحاب الكلي في القسم الثاني مع تردد الكلي بين فردين كالحدث المردد بين الأكبر والأصغر بعد الغسل أو الوضوء بناء على موضوعية كلي الحدث لاحكام شرعية، وذلك لوضوح ترتب الأثر الشرعي على نفس الكلي الذي تعلق به اليقين والشك هناك. بخلاف الفرد المردد، فإنه ليس موضوعا للأثر الشرعي، ولذا لا يجري فيه الاستصحاب وإن تعلق به اليقين والشك. ففرق واضح بين الفرد المردد و استصحاب الكلي في القسم الثاني في أنه يجري في الكلي ولا يجري في الفرد المردد مطلقا لا الشخصي ولا الكلي.
أما الشخصي فلما مر من كون الشك هنا في حدوث الفرد، لا في بقاء الفرد الحادث الذي هو مورد الاستصحاب، دون الأول. مضافا إلى:
أن استصحابه بعنوان كونه مرددا مرجعه إلى بقاء الحادث على كل تقدير سواء أكان هو الفرد الزائل أم الباقي، ومن المعلوم أنه ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير كونه هو الفرد الزائل، ومع العلم بارتفاع أحد فردي الترديد كيف يجري الاستصحاب في الفرد بوصف كونه مرددا؟ هذا.
وأما الكلي فان أريد باستصحابه إثبات أن الباقي هو متعلق التكليف، ففيه:
أنه مبني على الأصل المثبت الذي لا نقول به. وان أريد باستصحابه لزوم الاتيان بالباقي تحصيلا للعلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به، ففيه:
أنه يكفي في ذلك حكم العقل بعد تنجز التكليف الفعلي بالعلم الاجمالي بلزوم الإطاعة وإحراز فراغ الذمة من دون حاجة في ذلك إلى الاستصحاب، بل من المعلوم أنه لا مورد له مع قاعدة الاشتغال، لان موضوعها وهو الشك حاصل بالوجدان، والاستصحاب محرز تعبدي له، ومن البديهي أنه لا مجال لاحراز الموجود وجدانا بالتعبد، لأنه من أردأ وجوه تحصيل الحاصل، حيث إنه لا سنخية بين الاحراز التعبدي والوجداني.