منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٣٨٨
يجري فيه الاستصحاب.
وأما الصورة الثانية، وهي الشك في بقاء الفرد المردد لا من جهة اليقين بارتفاع أحد الفردين، بل من جهة أخرى - كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم شك في زوال نجاسته بسبب احتمال ورود مطهر من مطر أو غيره عليه - فقد ظهر حكمها مما تقدم، حيث إن عنوان الفرد المردد لم يرد في دليل موضوعا لحكم شرعي حتى يجري فيه الاستصحاب، كما لا يجري في كل واحد من الفردين معينا، لانتفاء اليقين بالخصوصية، إذ لم يتعلق ذلك إلا بعنوان أحدهما المردد الذي لا أثر له إلا لزوم الاجتناب عنهما، وهو حكم عقلي مترتب على تنجيز العلم، ومعه لا حاجة إلى جريان الاستصحاب فيه، بل لا وجه له، لما أشير إليه سابقا من عدم جريانه في موارد قاعدة الاشتغال. هذا ما يتعلق بمهمات مباحث الامر الأول أعني استصحاب الفرد المردد.
استصحاب المفهوم المردد وأما الامر الثاني وهو استصحاب المفهوم المردد - كتردد مفهوم الكر بين ما بلغ مكسرة ثلاثة و أربعين شبرا إلا ثمن شبر كما هو المشهور بناء على كون كل بعد من أبعاده الثلاثة ثلاثة أشبار ونصف شبر. أو ستة وثلاثين شبرا بناء على كون بعده العمقي أربعة أشبار، وكل واحد من بعديه الآخرين ثلاثة أشبار. أو سبعة وعشرين شبرا بناء على كون كل من أبعاده الثلاثة ثلاثة أشبار. وكتردد مفهوم النهار بين ما ينتهي باستتار القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية. وكتردد مفهوم الرضاع الناشر للحرمة بين ما بلغ عشر رضعات أو خمس عشرة رضعة. و كتردد مفهوم العدالة بين ترك الكبائر فقط أو مع الاجتناب عن منافيات المروة. وكتردد مفهوم الغناء بين الصوت المشتمل على مطلق الترجيع أو خصوص الترجيع المطرب المناسب لمجالس اللهو و محافل الطرب، إلى غير ذلك من المفاهيم المرددة بين ما يعلم بارتفاعه وما يعلم ببقائه - فقد ظهر مما تقدم في الفرد المردد عدم صحة