وأما بحسب الاصطلاح فقد كثرت تعريفاته منهم، حتى قيل: انها بلغت إلى نيف وعشرة، ولعل الأنسب بمؤدى الاخبار تعريفه بأنه: التعبد الظاهري ببقاء الشئ في زمان الشك فيه للعلم بثبوته في الزمان السابق.
وما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره من أنه إبقاء ما كان، مبني على إغفال موضوعية اليقين في الحكم بالبقاء، وجعل العلة فيه مجرد سبق الوجود، وهو خلاف ظاهر النصوص.
وحمل اليقين فيها على محض الطريقية للموضوع من دون أن يكون دخيلا فيه، بلا وجه. ولعله يأتي الكلام في بعض الثمرات المترتبة على ذلك في محله إن شاء الله تعالى.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أنه عبارة عن عدم انتقاض اليقين السابق بلحاظ الجري العملي بالشك في بقاء المتيقن، لان ذلك أنسب بمفاد الاخبار.
ففيه: أن الظاهر من عبارة النصوص الكناية عما ذكرنا، فلا معنى للجمود عليها في مقام التعريف.
ومثله ما ذكره - وسبقه إليه المحقق الخراساني قدس سره - من تقييد متعلق اليقين بالحكم أو الموضوع ذي الحكم.
لوضوح أن ذلك ليس مقوما لمفهوم الاستصحاب، بل شرط في جريانه، كما هو الشرط في جميع التعبدات الشرعية في موارد الطرق والأصول.
هذا، وأما بناء على عدم أخذ الاستصحاب من الاخبار، بل من حكم العقل أو بناء العقلاء، فكما يمكن تعريفه بما ذكرنا يمكن تعريفه بما هو المنشأ له، وهو كون الشئ متيقنا سابقا مشكوكا في بقائه لاحقا.
والأول أنسب بإطلاق لفظ الاستصحاب، لما تقدم من إطلاق هيئة الاستفعال بلحاظ ادعاء وجود المادة والبناء عليها. بل هو المناسب لعد بعضهم